كانت الأجواء حارّة في باريس، وذلك حتّى قبل أن تصل مجموعات الأزياء. إمتزج حرّ صالات عرض الأزياء غير المكيّفة مع صيفٍ هنديّ باهر حيث إستطاع نقّاد الموضة أن يتابعوا العروض في اجواء مشابهة لتلك التي سترتدى بها الملابس.
لعل الحاضرون من الشّخصيات المهمّة ومحررو الموضة، إنشغلوا بتوضيب حاجاتهم للسّفر الى باريس، لدرجة أنّهم نسوا أن يتابعوا نشرات الطّقس لمعرفة ما هي الأزياء الملائمة لأخذها معهم. ومع بدأ العروض، وجد أولائك أنفسهم لا يمتلكون أي قطعة ملابس ملائمة للطّقس الحار جداً في باريس.
إنسي أمر نجمات هوليوود كما فعلت معظم دور الأزياء، فعدد قليل منهنّ كن مدعوات إلى عروض الأزياء، وعدد أقل من الماركات بدت مهتمّة بتصميمِ فساتين للسّجادة الحمراء، فزيّ السّهرة الجديد والأكثر رواجاً للربيع والصّيف المقبلين، هو تنّورة مرصّعة بطول الرّكبة أو بذلة انثوية مع سروال.
ولعل أهم المشاهير الّذين حضروا أسبوع الموضة في باريس كان كاني ويست، الّذي قدّم مجموعة ملابس خاصّة به، وبعد ان جاءت التّقارير حول العرض، على الأرجح تمنى ويست لو لم يقدم على هذه الخطوة.
على الأقلّ، جعلنا نقدّر المصمّمين الحقيقيّين الموهوبين، حتى لو أن شائعات كثيرة تدور حولهم راهناً مثل إنتقال مارك جايكوبس إلى دار ديور وبيلاتي إلى أرماني وجورج أوسبورن إلى إيف سان لوران...
بالعودة إلى أخبار الحرّ، ومع قدوم اليوم الثّاني عشر، باتت الحاجة لملابس صيفية جديدة من قبل الوافدين ملحّة جدّاً، لدرجة أن ناتالي ماسان صاحبة Net-a-Porter إضطرّت إلى إرسال شاحنة الشّركة إلى لندن بطلبات عاجلة. وبعد ثمانٍ وأربعين ساعة، إختفى حرّ الصّيف!
نعم يسعك القول أنّ الموضة هي أكثر المجالات جنوناً!
بالإنتقال الى عروض الأزياء، إليك ملخّص بأجمل ما قدّمته أبرز دور الأزياء العالميّة في أسبوع الموضة في باريس:
سيلين: مجموعة Phoebe Philo لدار سيلين جاءت بمنتهى الأناقة: فقد تمّ قصّ جاكيتات التّرنش إلى حدّ الأوراك وإرتدتها العارضات مع تنانير بيضاء جميلة. قد تكون هذه الإطلالة مبالغ بها للمرأة العادية، ولكن فيلو، وازنها بإضافة حذاء بكعب متدرج "بلاتفورم" وحدّد خصرها بحزامٍ عريض جدّاً. فستقف إمراة سيلين كزهرة اللّيليك على حذاء ضخم تاركةً لتضاريسها الأنثوية الحديث عن أناقتها.
إزابيل ماران: كانت السيدات يعشقن إزابيل ماران لأنّها كانت تجعل الموضة سهلة المنال. فماذا كانت تحاول أن تقول لنا من خلال مجموعتها الأخيرة؟ سعت إلى إيصال رسالة إلى السّيدة، أنه بوسعها أن تبدو جذّابة بأزياء عصريّة وعمليّة. تميزت المجموعة بالكثير من التّفاصيل والحرفيّة: فسروال الجينز الرّائع سيكون موضة ضاربة الرّبيع المقبل وسيتم تقليده كثيراً.
لانفان: كلّنا يعرف أنّ التّنانير الضيّقة بطول الرّكبة جذّابة جدّاً، وتلفت الأنظار وتبرز تضاريس جسمك وهي ترسم في أذهاننا صور المرأة العاملة الأنيقة، ولكن تنانير لانفان جاءت وكأنها مستخدمة من قبل عن قصد. أمّا البارز في عرض أزياء الدار، فهو أنّ معظم الأزياء جاءت محتشمة بإستثناء بعض الفساتين الشّفافة وسراويل البذلات المخطّطة باللّون الأبيض والّتي تمتّعت بالتّفرد والرّوعة.
رولاند موريه: قدّم موريه إلى جانب التّنانير الضّيقة بطول الرّكبة باللّون الأزرق والأحمر والأسود، مجموعة سراويل صيفية للرّحلات وشورتات واسعة جدّاً وجاكيتات وقمصان عريضة الكتفين الّتي تشبه كثيراً شكل الأكتاف في مجموعته الرّجالية. كان ثمة سترات مصنوعة من مواد التّويد البيضاء والسّوداء مع بعض النّقوشات الدّائريّة. لقد كانت مجموعة مذهلة بحق!
هيرميس: العارضات الرّائعات اللّواتي إعتدنا مشاهدتهنّ على مدرج عرض الأزياء، قلبن الموازين والمعادلات وغيّرن العادات خلال عرض أزياء هيرميس، حيث تجوّلن في القاعة حول الجمهور بسراويل بيضاء واسعة وسترات وفساتين أنثويّة الّتي تلتها إطلالاتين بلونِ الحديد التّالف ومن بعدها جاء فستان مذهل باللّون البرتقاليّ ومن ثم بذلة خضراء عصريّة. بعدها أطلت عارضة بشورت جلدي بلون الكاراميل وتلتها عارضة بفستان ذي نقوشات.
جيفينشي: يبدو أنّ فيروس الألوان قد إنتشر، فحتّى ريكاردو تيسكي غامر خارج قبوه الدّاكن المليء بالأشباح. فإذا كان فيلو يبحث عن الطّهارة بأزيائه، فتيسكي يسعى إلى العكس! تألّفت المجموعة من أزياء ذات تفاصيل رائعة من فساتين ضيّقة وأخرى مع لمسة دانتيل وتانانير ضيّقة مطّاطة وبذلات من ثلاث قطعٍ مع سروال وقمصان ذات أزرار وسترات من دون أكمام.
هايدر أكرمان: كارل لاغيرفيلد قال في العام الماضي أنّه يودّ أن يرى هايدر أكرمان يتفوق عليه في شانيل.مع هذه المجموعة، أخذ المصمّم المولود في كولومبيا والمتمرّس في بلجيكيا أكرمان، البذلة مع السّروال وصنعها من الحرير الطّبيعي وأقمشة السّاري الهنديّة المطبوعة باللّون الذّهبي ومن ثمّ أضاف إليها بعض من أكثر الألوان روعةً. فبتركيزه على الأناقة العصريّة للبذلة، كما فعل روميو غيغلي منذ عشرين عاماً، أعلن هايدر أكرمان بطريقةٍ غير مباشرة أنّ الفساتين المرحة باتت من زمن الدّيناصورات وقد ألّف قصائد بلوحة ألوان مجموعته.
فالنتينو: تحت إدارة ماريا غرازيا شيوري وبيار باولو بيكيولي، يوازن دار فالانتينو بطريقةٍ مثاليّة بين تاريخ الدّار وإعادة الإبتكار بلمسات جديدة. بإضافة طبقات متعدّدة من أقمشة الشّيفون والدّانتيل، صنع المصمّمان مجموعة مفعمة بالأنوثة، على سبيل المثال بوضع نقاط خفيفة جداً على تنورة شيفون بلون حياديّ.
إيف سان لوران: لقد رأينا العديد من البذلات ذات التّنانير مع السّترات القصيرة هذا الشّهر، ولكن ستيفانو بيلاتي منح بذلاته إمضاءً مميّزاً من دار إيف سان لوران. فالثّنيات الدّرامية على أطراف تنانيره تعدّت طول الرّكبة بقليل مع تفاصيل راقية في مختلف القطع الخالية من أي تعقيدات. جاءت البذلات مع قمصان عالية الياقات مصنوعة من الحرير مبيّنةً موهبة بيلاتي كفنّان يستحقّ أن يصمّم لسان لوران.
شانيل: الغراند باليه Grand Palais هو المكان المثاليّ لعرض أزياء شانيل: فالنّزعة الإمبريالية الطّاغية على المكان تتماشى تماماً مع كارل لاغيرفيلد. فبينما دور الأزياء الأخرى تعيد إحياء قطعٍ من مواسم ماضيةٍ، أو تجمع بعض الصّرعات ببعضها البعض، يبدو تميّز شانيل جذاب بطريقةٍ غريبة. فقد أطلّت العارضات بفساتين مستوحاة من السّبعينيّات مرصّعة ومصنوعة من الحرير تتميّز بخفّتها إلى جانب فساتين التّويد المنسدلة. طغت فكرة الحياة المائيّة على المجموعة ولم يتردّد لاغيرفيلد في إحضار أحصنة البحر إلى العرض.
لويس فيتون: لا تغادر كايت موس فرشتها من أجل عرض أزياء أي مصمّم هذه الأيّام، بإستثناء مارك جاكوبس الّذي صرّح: " لقد طلبت منّي أن تكون جزءاً من العرض وهي صديقة عزيزة جدّاً، ولذلك سعدت لتلبية طلبها". وقد أطلّت العارضة على مدرج عرض الأزياء بفستانٍ من الدّانتيل والتّول بلون الفانيليا، كما أطلّت العارضات ببذلات مع تنانير تشبه بذلات الأميرات. غلبت الأنوثة على التّصاميم الثمانية والأربعين بطريقةٍ عارمة. وعن الأسعار يقول جاكوبس: "لا أعرف أسعار القطع أبداً، أصنع تصاميمي من أفضل الأنسجة المتوفّرة وأنا فخورٌ بفريق العمل. فعندما أتيت للعمل لدى دار لويس فيتون منذ 14 عاماً، لم يكن ثمة ستوديو لتصميم الألبسة الجاهزة، وقد صنعناه من لا شيء. لم يكن بمقدوري تحقيق أيّ نجاحٍ من دون مجهود الفريق".
هذا وقد أعطى مكتب فيتون الإعلاميّ، تعليمات صارمة للصّحافة بعدم ذكر أي شيء عن الأخبار المتداولة حول إنتقال جاكوبس إلى دار ديور ليأخذ مكان جون غاليانو. وفريق فيتون يأمل ألّا بخسر قائده، بينما جاكوبس يرفض الحديث عن الموضوع. ولكن إذا صحّ الخبر وإنتقل مارك، يبدو وكأنّه يرسل رسائل مبطّنة بأنه سيصمّم أزياء ديور بلمساته الخاصّة، وعلى الأرجح سيأخذ فريق العمل معه.