في مدينة فلورنسا، حيث وُلدت دار Gucci قبل أكثر من قرن، عادت العلامة الإيطالية إلى جذورها، – لا لتكرر ما مضى، بل لتعيد ابتكاره برؤية مشبعة بالجرأة والشغف، معلنة بذلك وداعها للفخامة الهادئة، واستقبالها لعصر "اللافت المتقن".
في Palazzo Settimanni، القصر العتيق الذي أصبح أرشيفًا حيًا للدار، قدّمت غوتشي عرض مجموعة كروز 2026، في لحظة رمزية سبقت انتقال الشعلة إلى المدير الإبداعي القادم ديمنا غفاساليا. ومنذ الإطلالة الأولى بتنورتها الجلدية المثقبة، وجوارب الشعار، وفروٍ مترف، عرفنا أننا أمام احتفال حقيقي بهوية الدار، لا مجرد عرض.
أرشيف نابض بالحياة
المجموعة جاءت كرسالة حب لتاريخ غوتشي الغني، مستلهمة من أرشيف يضم أكثر من 46,000 قطعة، لتعيد تقديم رموز من توقيع كبار المصممين الذين صنعوا ملامح الدار: بريق توم فورد، رومانسية ميكيلي، أناقة جيانيني، ولمسات دي سارنو، جميعهم حاضرين في العرض، ولكن بلغة اليوم.
كانت القصّات حادة، الأحجام واسعة، والملامح مستوحاة من صيحات ثمانينية وألفينية وسبيعنية، من الـ"إندي سليز" إلى "الأوفيس كور"، ومن المخمل الفلورنسي إلى الترتر اللامع.
تلاعب ذكي بين الرسمي والعفوي
تميز العرض بقدرته على خلط الجدية باللعب، حيث أعادت غوتشي تعريف corpcore (أزياء العمل) بإدخال عناصر من الإكسسوارات الضخمة، الأقراط المبالغ فيها، والتصميمات الجريئة التي جعلت من الزي الرسمي لوحة فنية.
وإذا ظن البعض أن عصر الشعارات قد انتهى، فإن عودة GG الكلاسيكي والابتكار الجديد في حرف G على الأحذية والحقائب، – وخصوصًا حقيبة Gucci Giglio الجديدة، – أثبت العكس، مع حضور زهرة الزنبق رمز فلورنسا في كل تفصيلة تقريبًا.
من المكتب إلى الحفلة
المجموعة نسجت انتقالًا سلسًا من الإطلالات النهارية إلى فساتين المساء، بمساعدة الريش، الدانتيل، والترتر المتوهّج. المجوهرات، من توقيع Pomellato، أضافت لمسة فاخرة تستحق أن تتألق بها النجمات على السجادة الحمراء.
فن العفوية المدروسة
بلمسة إيطالية تُعرف بـ sprezzatura، أي الأناقة غير المتكلّفة، أعادت غوتشي تعريف الجاذبية المعاصرة، مؤكدة أن الجرأة لا تُلغي الأناقة، بل تُعمّقها.
في كروز 2026، لم تكتفِ الدار بالعودة إلى الماضي، بل استخدمته كوقودٍ لإبداع مستقبل لا يخشى المبالغة، ولا يخجل من الحنين.