تربية طفل وتنشئته بطريقة سليمة يحتاج إلى بذل مجهود كبير من الأم لفهم طبيعة طفلها وحدود قدراته، وهذه المهمة تحتاج إلى معرفة رأي المتخصصين.
(نواعم) أجرت مقابلة مع
نجوى خضر، متخصصة في التدخل المبكر للأطفال الذين يعانون من اضطرابات أو تحديات سلوكية، وتلقت العديد من التدريبات في مجال التكامل الحسي، فهي تؤمن بفردية كل طفل، ومهتمة بتعزيز العلاقة والتواصل العميق عند التعامل مع الأطفال الذين يعانون من اضطرابات أو تحديات سلوكية، وتدرس دورات تدريبية معتمدة من DIRfloortime في مصر وعلى مستوى العالم.
في البداية نحب التعرف إلى نجوى خضر أكثر، إلى جانب ما نعرفه عنها عن دراستها وتخصصها، كيف تحبين أن تصفي نفسك؟ أو كيف تفكرين في نفسك وأهدافك وعملك؟
أنا أم أولاً، واختصاصية تدخل مبكر ثانياً، أكبر أهدافي أن يتفهم الأهل طبيعة أطفالهم أكثر، ويبذلوا الجهد للتواصل معهم بطريقة صحية تبني شخصياتهم. أحب عملي كثيراً، ومؤمنة بأن اللعب أسرع وسيلة لدخول عالم الطفل والتأثير فيه.
درستِ الفنون وعلم النفس في الجامعة الأميركية في القاهرة، على عكس المتوقع ترتبط الفنون بعلم النفس كثيراً، العديد من الباحثين والعلماء استخدموا تقنيات فنية في أبحاثهم عن علم النفس بالذات مع الأطفال، كيف ربطتِ أنتِ بين الدراستين؟ وكيف استخدمتِ دراستك في عملك؟
فعلاً الفنون وعلم النفس يرتبط كل منهما بالآخر، وهناك فرع كبير في علم النفس يطلق عليه art therapy، فهناك أنواع كثيرة من طرق التدخل المبكر تعتمد على الموسيقى والرسم. بالنسبة إلي، استخدامي للفنون يكون حسب اهتمام الطفل، أي إن الطفل الذي يظهر شغفاً بالفنون، يمكن حثه على التعبير من خلال الألوان أو اللعب بالصلصال.
تؤمنين بفردية كل طفل، والعمل معه لتعزيز نموه والوصول إلى أقصى إمكانياته، كيف وضعت هذا الهدف أمامك؟ هل كانت فكرة نبتت في ذهنك وعملت عليها، أم إنها نظرية علمية معروفة طورتها؟
من خلال دراستي للـDIRfloortime و هو نظام تدخل قائم على الفروق الفردية لكل طفل، حيث يعتمد على تفهم احتياجات كل طفل على حدة، لمساعدته على معالجة نقاط ضعفه، وتعزيز نقاط قوته.
الأطفال الذين يعانون من مشاكل سلوكية عادة ما يعانون أيضاً من عدم رغبة الأهل في الاعتراف بذلك، وإجبارهم على التعلم مثلاً في أماكن عادية، أو التعامل معهم بطريقة عادية وأحياناً جافة اعتقاداً أن هذا سيحسن سلوكهم.. ما هي نصيحتك وكيف يمكن أن نعرّف الأهالي إلى مشكلة الطفل؟
كثيراً ما نحتاج إلى العمل مع الأهل قبل الطفل من أجل مساعدتهم على فهم التطور العاطفي والاجتماعي للطفل، حيث يقع بعض الأهل في فخ التوقعات غير الواقعية لقدرات الطفل أو عمره، وهو ما يحتاج الأهل إلى استيعابه قبل الدخول في دائرة الإحباط أو الضغط على الطفل.
حدثينا أكثر عن فكرة التكامل الحسي.. ما هي؟ وهل هي خاصة بالأطفال الذين يعانون من اضطرابات سلوكية أم لكل الأطفال؟
جميعنا نمتلك حواس، من خلالها نفهم ونستقبل المعلومات، وحتى يكون استقبالنا للمعلومات مضبوط ومتوازن، نحتاج إلى تحقيق تكامل بين الحواس، لذا فالمشاكل الحسية أو الاحتياجات الحسية موجودة لدينا جميعاً، ولكن بفروق فردية حسب طبيعة شخصية كل منا.
نلاحظ في العصر الحديث رغبة الأهل في تدريب أطفالهم وتعليمهم كل شيء، مزيج من الرياضات والفنون واللغات، وأحياناً العلوم الصعبة، وكل هذا في سن مبكرة.. هل هذا شيء صحي للطفل أم إنهم يقعون في خطأ الضغط والإيذاء النفسي؟
أتفهم كون الأهل يرغبون في الأفضل لأطفالهم، ولكن للأسف المبالغة في ضغط جدول الطفل بالكثير من الأنشطة يؤثر سلباً على التواصل معه، كما أن هذا يرهق الطفل نفسياً، والأفضل أن يحصل الطفل على فرصة للتجربة، ليقرر بنفسه أنواع وعدد الأنشطة التي يحب ممارستها، وأن يحصل على يوم حر في الأسبوع يكون من أجل اللعب فحسب.
ما هي نصيحتك للأمهات الجديدات؟ هل تؤمنين بضرورة أخذ ورش أو كورسات تعليمية لطرق التعامل مع الأطفال؟
بالتأكيد كلما كانت الأم أكثر فهماً، كلما قل شعورها بالقلق، وزاد شعورها بالثقة، المهم ألا تبالغ في تكديس جدولها بالكثير من الورش، حتى لا تتوتر من تزاحم المعلومات.
بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون من مشكلة تأخر النطق، ما هي المؤشرات الأولى لهذه المشكلة؟ وكيف يمكن التعامل معها بسرعة وحسم؟
من سن سنة إن لم يصدر الطفل أي أصوات، ولا يظهر انتباهاً عند سماع اسمه، يجب أولاً عمل اختبار سمع للاطمئنان، بعدها يمكن عمل تغييرات في البيئة المحيطة به، وأنصح الأم باللعب الحر معه، مع استخدام لغة واحدة، وإذا استمر نفس الوضع دون تطور حتى سن سنتين، يجب اللجوء إلى متخصص.
ألاحظ شخصياً كوني أماً وكاتبة أن الأطفال في هذا الجيل ينضجون بسرعة أكبر، ابنتي في عمر الثامنة تبدو وكأنها مراهقة في الرابعة عشرة، هل هذه سمة عامة للجيل؟ وهل الأمر يمكن أن يكون متعلقاً بالتطور التكنولوجي الشديد؟
للأسف هذه حقيقة، لأن نمط الحياة أصبح أكثر سرعة، ولم يعد الأطفال يلعبون مثل السابق، بل أصبحوا يعتمدون على الشاشات أكثر.
وبالحديث عن التكنولوجيا، الأمهات يعانين من صعوبة حث أطفالهن على التخلي عن الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. ما هو رأيك في هذا الأمر؟
هل تظنين أن تربية الطفل تختلف طبقاً للبيئة التي يعيش فيها أم إن أساسيات التربية لا تتغير؟
بالتأكيد تؤثر البيئة في تكوين الطفل، ولكن أساسيات التربية ثابتة، ويجب أن تقوم في الأساس على فهم قدرات الطفل.