يعتبر خبر حدوث الحمل حدثاً مفرحاً للوالدين، ليبدأ حساب الأيام والأسابيع والشهور في انتظار انضمام أحدث فرد للعائلة. وعلى الرغم من السعادة الغامرة التي تعم جميع أفراد الأسرة بهذا الخبر، يبدأ القلق يراود الوالدين حول صحة الجنين، وخلوّه من الأمراض التي قد تكبّل قدرته على عيش حياة طبيعية، على غرار التوحد وغيره.
وفي ضوء التطوّر الطبي الراهن، بات الأطباء يوصون بإجراء اختبار ما قبل الولادة غير الجراحي، والذي يتحقق من سلامة صبغيات الجنين وخلوّه من عدد من المتلازمات والأمراض الوراثية. وقد يتساءل البعض عن أهمية هذا الاختبار ودقته وفائدته، وهل هو ضرورة للسيدات الحوامل أم مجرد رفاهية يمكن الاستغناء عنها. وللإجابة على هذه التساؤلات، التقينا الدكتورة سارة بساري، مديرة مختبر الجينات في مركز هيلث بلاس للإخصاب والمختبر المرجعي الوطني في أبوظبي، والتي حدثتنا عن هذا الاختبار ودوره في طمأنة الوالدين حول صحة جنينهما.
قالت الدكتورة سارة: "يعتبر اختبار ما قبل الولادة غير الجراحي، المقدّم في المختبر المرجعي الوطني، فحصاً للحمض النووي الجنيني الذي يتواجد في دم الأم. فمنذ الأسابيع الأولى للحمل، يبدأ الحمض النووي الجنيني في الجريان ضمن دم الأم، لذلك نتمكن عبر هذا الفحص من التحقق من سلامة الصبغيات دون الحاجة للخضوع لإجراء جراحي مثل بزل السلى أو أخذ عينات من الزغابة المشيمية التي قد تعرض الأم لمخاطر الإجهاض".
وأضافت: "يمكن القيام بهذا الاختبار في وقت مبكر من الحمل عند الوصول للأسبوع العاشر، إذ تظهر النتائج عادة في غضون أسبوع من أخذ العينة. ويعتبر هذا الفحص آمناً تماماً وسهلاً للغاية ولا يتطلب سوى عينة دم واحدة من الأم، ويتفوّق بمراحل على الاختبارات الجراحية الأخرى التي تضع الحامل أمام مخاطر الإجهاض".
وأشارت الدكتورة سارة إلى أن دقة الاختبار تصل إلى 99% بالنسبة للمتلازمات الشائعة ولهذا السبب توصي الكلية الأمريكية لعلم الوراثة الطبية بإجرائه لجميع حالات الحمل. ويركّز الاختبار على المتلازمات الأكثر شيوعاً والتي تصيب الأجنة وترافقهم طيلة حياتهم بعد الولادة، مثل متلازمة داون، ومتلازمة تيرنر، ومتلازمة كلاينفلتر.
وأكدت الدكتورة سارة أن المختبر المرجعي الوطني يقدّم هذا الاختبار، بالإضافة إلى العديد من الفحوصات الضرورية الأخرى للسيدة الحامل خلال مختلف مراحل حملها. ويحرص على تقديم رعاية استثنائية وتوفير فحوصات عالية الدقة تعزز سلامة تجربة الحمل، وتلبي شتى الاختبارات الضرورية للحامل.
وشددت الدكتورة سارة على أن اختبار ما قبل الولادة غير الجراحي لا يزال في مهده، إذ أن الأبحاث والدراسات مستمرة اليوم لتطويره، ولعله سيغطي أمراضاً أخرى في المستقبل وسيمكّن من الكشف عن اضطرابات وراثية إضافية في مراحل مبكرة من الحمل.
هذا ويوفر المختبر المرجعي الوطني اليوم اختبار التثلث الصبغي الجنيني غير الجراحي، والذي يرسي معايير استثنائية في التعرف الدقيق والمبكر وبشكل آمن على التشوهات الجينية لدى الأجنة قبل ولادتهم. ويعد وسيلة آمنة وبسيطة وعالية الدقة لاختبارات الدم التي تفحص أكثر تشوهات الصبغيات شيوعاً عبر عينة دم لا يتجاوز حجمها 10 ميليمترات وتؤخذ من الأم في وقت مبكر من حملها، وتحديداً عند وصولها للأسبوع العاشر.
واستقطب اختبار التثلث الصبغي الجنيني غير الجراحي إشادة عالمية واسعة، مع إجراء أكثر من 12.6 مليون اختبار في 80 دولة. ويعتبر هذا الاختبار مناسباً لمعظم الأمهات الباحثات عن الاطمئنان حول صحة جنينهن. ويعد مفيداً بشكل محدد للحوامل المعرضات لخطر اختلال الصيغة الصبغية للجنين بسبب تقدم الأمهات بالعمر (أكثر من 35 عاماً) أو اللاتي يتلقين توصية طبيّة بإجراء اختبارات ما قبل الولادة.