في سنّ صغيرة من حياتنا، نتعلم كيف نحيا حياتنا وفقًا لتعاليم الإسلام وقواعده ومبادئه من المعلمين والأهل والكبار. فنميل للاستماع للأكبر سنًا واتباع مثلهم دون أن نعي أهمّية كل نشاط نقوم به وفائدته. ولكن لسوء الحظ، تغيب هذه الحقيقة عن الكثير من الأهل، إذ عليهم أن يعلّموا أطفالهم كيف يؤدّون واجباتهم الدينية بطريقة تسمح لهم بتقدير المعاني الكامنة خلفها ويكبرون على الاتصال بالله عزّ وجلّ وحبّ الإسلام.
تعاد الذكريات علينا في كل سنة عن هذا الشهر الفضيل، عن زيارة المساجد والطعام الشهيّ والدعوات على الإفطار والتباري بيننا وبين الأصدقاء على صوم الشهر بأكمله، ولكنّ المعنى الحقيقي لم يكن موجودًا. لا بد أن يعلم الجميع أن الصوم هو فريضة أساسية في ديننا الحنيف، ولكن يجب فهم السبب الكامن وراءها. يقول العلماء دومًا إن الصوم فُرض ليجعلنا نشعر بالفقراء والمعوزين وليساعد فينا من بوسعه هؤلاء ولشكر الله على نعمه، وهو سبب نحترمه جميعًا، إلا أنه ليس كافيًا. وهناك من يقول أيضًا إن الصوم هو فريضة أساسية في الدين الإسلامي.
في هذه الحالة، يجب أن تسألي طفلك بعض الأسئلة بطريقة لطيفة، مثلًا: ماذا يمكن أن يحدث إذا كان يأكل في الوقت الذي يجب أن يكون فيه صائمًا؟ وإن كان طفلك موجّهًا بطريقة صحيحة، يجب أن يجيبك بأنه لا يمكنه أن يتناول الطعام في وقت الصوم، إلا إذا كانت حاجته شديدة الى الإفطار، وأنه إذا أفطر يومه، يجب أن يصوم آخر بعد الشهر الفضيل ليعوّض عنه.
ثم يمكنك أن تسأليه سؤالًا آخر: كيف أتأكد من أنك ما زلت صائمًا، ولا تأكل في الأوقات التي لا يراك فيها أحد؟ قد يجيبك بأن الله وحده يعلم أو قد يقسم أنه لا يغش في صيامه... تختلف ردة الفعل بين طفل وآخر.
قد يتعرّض طفلك للكثير من الإغراءات خلال صيامه، من الأصدقاء مثلًا أو الإخوة الأصغر سنًا، وقد يحاول أحد إقناعه بحجّة أن لا أحد يرى، ولكنه إن كان على اقتناع بما يفعل، فلن ينجر على الرغم من أنه قد يشعر بالجوع الشديد، إلا أنه سيقاوم، لذا لا تقلقي.
ومع الأيام، يمكنك أن تبدئي بتعليمه الأصول من خلال بعض الأحاديث المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك القائل: "كل عمل ابن له، إلا الصوم، فإنّه لي وأنا أجزي به"، ليشعر بالسعادة كلما تذكر هذا الحديث وسمعه، ويشعر بالارتباط به، وعندها سيفهم أن صومه أفضل وأسهل.
كذلك يمكنك أن تعتمدي على الكثير من العوامل ليفهم طفلك جميع أعمال العبادة كما يجب كالحوار والتأمّل والمراجعة بطريقة فردية أو لأطفالك جميعًا. يجب عليك أن تكوني عقلانية ومبدعة لتسهيل الفهم على أطفالك ومساعدتهم على وضع أهداف واقعية والسعي خلف تحقيقها، وأن تدخلي بشكل إيجابي لتجعلي إكمال كل فرض من فروض العبادة أسهل عليهم، ولا تنسي أن تحثيهم دومًا على المحاسبة الذاتية لأعمالهم.