أسطنبول أو القسطنينية كما كانت تعرف قديماً مدينة لها تاريخ إسلامي حافل، فهي مدينة الخلافة الإسلامية القديمة وفيها وصلت فنون العمارة الإسلامية إلى أوجها. ومن الشواهد على ذلك جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق كما يطلق عليه. ويعود ذلك إلى زخارف الخزف الأزرق المستقدم من مدينة إيزنك المطبوعة على جدرانه وأيضا زخارف الخطوط الزرقاء التي تنقش قبابه.
فبعد تحويل كاتدرائية آيا صوفيا إلى متحف عام 1934، بات مسجد السلطان أحمد هو الجامع الرئيسي في اسطنبول وأحد أكبر صروحها الدينية، وهو أحد الأمثلة المذهلة على روعة العمارة العثمانية، وانتهى العمل في بنائه قبل عام واحد من وفاة السلطان أحمد.
بناه المعماري محمد آغا تلميذ المعماري الأشهر سنان باشا عام 1906. وتم الانتهاء من بنائه بعد أن وضع السلطان أحمد آخر حجرة في قبته عام 1617. والجامع يطل على مضيق البوسفور الذي يفصل القارة الأوروبية عن القارة الآسيوية. وهو يوجد داخل مجمع بناء كبير، يشمل السوق المغطى والحمام التركي والمستشفى والمدارس وتربة (ضريح) السلطان أحمد. والفضاء الداخلي للجامع عبارة عن مكان واحد فسيح. وتقوم القبة الرئيسية والقباب الفرعية الجانبية على أربعة أعمدة ضخمة، ويبلغ قطر القبة الرئيسية 23.5 متر، بينما ينير القسم الداخلي من الجامع 260 نافذة. أما ارتفاع قبته فهو 43 مترا. وقد أنشئت المنارات وفق الأسلوب التركي التقليدي، ويتم الصعود إلى الشرفات بواسطة مدرجات حلزونية الشكل.
وحول الجامع فناء مغطى بثلاثين قبة مطوقة بالشرفات ونافورة تنضفر فيها القناطر المنقوشة بالقرنفل والتيوليب النافر وزخارف الخط الإسلامي وأسماء الصحابة الأجلاء أبي بكر وعمر وعلي وعثمان رضيّ الله عنهم. وكل مئذنة بالمسجد تحتوي على 3 شرفات، وله ست مآذن. وترتكز قبته على أربع دعائم أسطوانية يبلغ قطر الواحدة منها 5 أمتار، ويطلق على الدعائم اسم أرجل الفيل، وتشغل بالزخارف المدهونة باللون الأزرق من الداخل. أما سمته الهندسية والجمالية فهي غاية في الروعة، بعشرين ألف قطعة خزف تكسو جدرانه من الداخل، ويتخللها اللون الأصفر للزهور التقليدية. وتطل 260 نافذة على باحة المسجد الخارجية، ويبرز به فن الخط الإسلامي الذي نسخه وشبكه سيد قاسم غوباري، أعظم الخطاطين الأتراك آنذاك، وهو يعطي لمسات روحانية للمصلين.
وأراد السلطان أحمد أن يبني للجامع ست مآذن، وعندما لاقى اعتراضاً لأن المسجد الحرام كانت فيه ست مآذن حينذاك، فقام السلطان أحمد ببناء سابعة هدية منه لبيت الله المعظم، كما أمر بكسوة الكعبة بصفائح من الذهب، وركب لسطح الكعبة ميزابا من الذهب وأحاط أعمدة الحرم بحلقات مذهبة، ورمم جميع قباب المسجد الحرام وعددها آنذاك 260 قبة.