البيت

ما هي أول عبارة تتطرق إلى ذهنك إن قرأت كلمة "البيت"؟ البيت ليس مجرد حوائط وغرف وأسقف وأراض، البيت احتواء للعائلة، ملاذ للأسرة، مكان يضم الجميع، ويلتف حول محبته الكل. الإنسان دون بيته كمن يسلم ظهره للخلاء أو العراء، يكون في حالة من عدم الأمن وعدم السكينة، وينتابه الخوف والقلق. البيوت تختلف في أشكالها وأنواعها وطرق تأثيثها وتأسيسها، لكن لا أحد يختلف عن كونها تشبه العناق الذي يدفئنا جميعا مهما تعددت وتلونت بألف نوع.

كان رحم الأم بيتنا الأول، ثم من بعده نزلنا إلى البيت الثاني وهو حضن أمهاتنا ومنه انتقلنا إلى البيت الثالث بيت الأسرة الذي ننشأ فيه ثم البيت الرابع بيت العائلة التي ننتمي إليها ثم البيت الخامس بيت الزوجية الذي ننتقل إليه مع شركاء حياتنا، والبيت السادس وهو الشارع الذي كبرنا فيه ثم البيت السابع المدينة التي ولدنا وعشنا فيها، ثم البيت الثامن وهو البلد "الوطن" الذي يضمنا جميعا.

البيت القديم

كثير من الناس جرب تجربة الانتقال من بيت إلى بيت، وبعيدا عن الأسباب وراء ذلك سواء مادية أو حياتية نفاجأ أن الأب قرر أن ننتقل لبيت جديد تاركين البيت القديم.

البيت القديم يحمل ذكريات طفولتنا، ذكريات لعبنا ولهونا بالألعاب مع إخوتنا وأقاربنا، إنه أول مكان شهد كل مراحل حياتنا، بدءًا من الطفولة إلى المراهقة إلى الشباب.

البيت القديم ليس مجرد حوائط إنه جزء من تكويننا الوجداني والذهني والشخصي. كثيرًا ما نشتاق إليه ويحتلنا الحنين إلى أيامه ولياليه، في الواقع نشتاق أيضًا إلى النسخ القديمة منا، الأكثر براءة ونقاءً وصفاءً من الآن حيث لا هموم ولا مشاكل ولا أحزان فقط راحة بال وقلب، وكل ما يشغلنا كيف نستمتع بحياتنا البسيطة التي تتمحور حول الألعاب.

البيت المستقبلي

ترتبط فكرة البيت المستقبلي في ذهني بفكرة الانتقال من البيت القديم إلى بيت جديد، ربما لأسباب أسرية أو ربما لأخذ قرار الزواج، لكن كل ما نتخيله وقتها كيف سيكون شكله، نحلم بكل تفصيلة فيه، كيف ستكون ألوان الحوائط، كم غرفة، كم نشتري من الأثاث لفرش غرفة النوم والأطفال والصالون والسفرة. كيف يكون شكل المطبخ وأدواته. أين سنضع الموقد، هل مكان الثلاجة مناسب؟

الأهم من كل ذلك نحلم بالبيت المستقبلي الذي يكون رقعة صغيرة بعيدة عن العالم، ليس بغرض الانعزال فقط بل بغرض السعادة والراحة والبعد عن الضغوطات ولاكتشاف سبل تجعل حياتنا أسهل وأجمل وأكثر راحة. وقتها سيكون هذا المعنى المثالي للبيت المستقبلي.

البيت السعيد

أن تبني بيتًا سعيدًا خير لك وأهم من وجهة نظري من بناء بيت واسع كبير وجذاب شكليا، الشكل في كل شيء لا يعتبر أساسا كافيا لبناء السعادة، بينما جوهر الأشياء دومًا هو ما يمنحنا السعادة. كما قلت سابقًا أن تبني منزلك أشبه برقعة بسيطة بعيدة عن الكدر والهم تشبه الملاذ الآمن أجدر وأفضل مليون مرة من بيت واسع وكبير ومليء بالمشاكل أو حتى فارغ من الأحباب. أنت لا تحب بيتك بدون أمك، بدون أبيك، بدون زوجتك، بدون أطفالك، البيت السعيد يكون سعيدًا بسكانه ومؤسسيه. البيت السعيد حلم جميل نحلم به كل يوم، ونسعى إليه بشتى الطرق، فهل حققناه؟