
يتميّز الشعر العراقي بالمعاني المتعددة والألفاظ القوية، واخترنا لكم هنا ابياتاً من شعر الغزل العراقي الجميل لتستمتعوا بها كثيراً.
المحتويات:
شعر غزل عراقي لبدر شاكر السياب:
اتبعيني
|
فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد
|
حالم الأغوار بالنجم الوحيد
|
وشراع يتوارى واتبعيني
|
همسة في الزرقة الوسنى وظل
|
من جناح يضمحل
|
في بقايا ناعسات من سكون
|
في بقايا من سكون
|
في سكون
|
**
|
هذه الأغوار يغشاها خيال
|
هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال
|
تعكس الأمواج في شبه انطفاء
|
لونه المهجور في الشط الكئيب
|
في صباح ومساء
|
وأساطير سكارى ... في دروب
|
في دروب أطفأ الماضي مداها
|
وطواها
|
فاتبعيني .. إتبعيني
|
**
|
اتبعيني ... ها هي الشطآن يعلوها ذهول
|
ناصل الألوان كالحلم القديم
|
عادت الذكرى به ساج كأشباح نجوم
|
نسي الصبح سناها والأفول
|
في سهاد ناعس بين جفون
|
في وجوم الشاطئ الخالي كعينيك انتظار
|
وظلال تصبغ الريح وليل ونهار
|
صفحة زرقاء تجلو في برود
|
وابتسام غامض ظل الزمان
|
للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد
|
اتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان
|
في غد حتى وإن لم تتبعني
|
يعكس الموج على الشط الحزين
|
والفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين
|
**
|
أمس جاء الموعد الخاوي وراحا
|
يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا
|
كنت وحدي .. أرقب الساعة تقتات الصباح
|
وهي ترنو مثل عين القاتل القاسي إليا
|
أمس.. في الأمس الذي لا تذكرينه
|
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
|
واختفى في ظلمة الليل قليلاً فقليلا
|
وتناءت في ارتخاء وتوان
|
غمغمات مجهدات وأغاني
|
وتلاشت تتبع الضوء الضئيلا
|
أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه
|
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
|
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
|
شعر غزل عراقي ليحيي السماوي:
في الحب تبر طفولة وصبا
|
لا تسألي من كان قد وهبا
|
يستنبت الرّيحان والعنبا
|
مازال رغم حريقه مطراً
|
قلباً أناب لنبضه الأدبا
|
وُشِمت جوارحه بمن سكنت
|
ماضٍ يطلّ على غد حدبا
|
أسرى به والعشق هودجه
|
ولسمطه الياقوت والذهبا؟
|
أولست ناعوراً لجدوله
|
دفء ونفح غالب الحجبا
|
في أقحوانك من مدامعه
|
ينسي العيون الجفن والهدبا؟
|
أفتسألين سواه؟ أين هوى
|
وجد يؤمّل منك مقتربا
|
تنأى به الأحلام فهو على
|
لو أن قنديل المساء خبا
|
يقفو دجاك بشمس مقلته
|
ثمل وغير هواك ما شربا
|
ويرش رملك من ندى دمه
|
كاساته، ورحيقه كذبا
|
صدقتْ ثمالته وقد كذبت
|
هرمت ونبعاً كان قد نضبا
|
أيقظت في الطفل الألوف منى
|
خبر الهوى وهماً ومنقلباً؟
|
ياويحه ـ الطفل الألوف ـ أما
|
جفنيه لمّا أدمن الوصبا
|
نكثت به الأحلام فانتبذت
|
هذا الذي صرنا له حطبا؟
|
ويحي عليك.. عليّ.. أيّ هوى
|
كهفاً مع البلوى ومغتربا
|
فضح الهوى سرّي ووطّنني
|
أوتاره في غربة طربا
|
وأذلّ قيثاري فما عرفت
|
مستسهلاً في الحب ما صعبا
|
ويحي عليّ.. نزفت أزمنتي
|
روحي أزيد صبابة؟ عجباً!
|
عجباً عليّ! أكلّما وهنت
|
وقسا فقلت: مسامح عتبا
|
جحد الحبيب فقلت: ذا زعلٌ
|
نصل الجفاء وأوهنت عصبا
|
ندمى فنسترضي يداً غرستْ
|
وجحود من خذل المنى سبباً
|
ولقد نرى لنزيفنا سبباً
|
ترجو لعشب ظامئ سُحُبا؟
|
مولاي ياقلبي.. أمن حجر
|
سفني تصارع مزبداً لجبا
|
خمسون ـ أو كادت ـ وما برحتْ
|
عذب يضاحك متعباً تربا
|
خمسون ـ أو كادت ـ ولا مطر
|
أمسيت أحسب يومها حقبا
|
خمسون ـ أو كادت ـ لفرط ضنى
|
في الروح أنّ الحتم قد قربا
|
خمسون! يوهن عزمها وجع
|
لي بالرجوع لمعشر وربى
|
خمسون ـ أو كادت ـ ولا أمل
|
فاختارها لرفيفه نسبا
|
لـ«سماوة» شغف الفؤاد بها
|
ليلاً عصيّ الصبح مضطربا
|
فأردّ عن أمي وقد عميت
|
ظلاً بصحن «الحوش» والرّطبا
|
ولنخلة «البرحيّ» تطعمنا
|
حرزاً وناطوراً ونبع صبا
|
كنّا ـ لفرط الود ـ نحسبها
|
منا.. ونحسب خوصها طنبا
|
حتى كأن عذوقها نفر
|
فيها وفرخاً آمن اللعبا
|
مازلت أذكر عش فاختة
|
أيدٍ بعش يحضن الزغبا؟
|
ما حالها بعدي؟ وهل عبثت
|
ليت «السماوة» تتقن الهربا
|
للطين ـ وهو دمى طفولتنا
|
شبر ـ زماناً ـ ليته احتجبا
|
بيني وبين ضحى شواطئها
|
ألقى على بستانها الجربا
|
فيحاء لولا أنّ طاغية
|
إلاّ صديد القيح والسّغبا
|
فتوسّدت صخراً وما التحفت
|
لكنما القلب العنيد أبى
|
رغَّبت نفسي عن «سماوتها»
|
تعب بعكاز المنى فكبا
|
جفّ النداء على فمي ومشى
|
وتغلّ دون الطالب الطّلبا
|
تلهو الرياح بجفن أشرعتي
|
ولقد تؤجج زفرة لهبا!
|
الذكريات؟ تزيدني وجعاً
|
بغد قتيل أو رماد صبا
|
أشياء لا أغلى! تذكّرني
|
عمري فألفت صرحه خربا
|
نبشت سويعات مجنّحة
|
إن كان زهر شبابه احتطبا؟
|
ماذا سيبقى من حدائقه
|
أبقى بكأس القلب أو حببا
|
سكب النوى عمري فلا عبقا
|
باسم المنى.. يانِعم ما كتبا!
|
كتب الهوى أن يستباح غدي
|
مراجع:
adab.com
adab.com