في القصص الخيالية، تدوم الزيجات و يعيش الثنائي بسعادة الى الأبد. و لكنّ العلم، يقول لنا إن نعمة السعادة في الزواج استمراريتها محدودة الأمد.
في عام 2003، تابع بعض العلماء 1761 شخصًا تزوجوا و استمروا متزوجين لحوالى 15 عامًا. و قد أكدت المعلومات التي حصلت عليها هذه الدراسة أن الأزواج الجدد يتمتعون بسعادة كبيرة تستمر لمعدل سنتين فقط. ثم تتراجع هذه السعادة و يعودان الى النقطة التي بدآ منها، على الأقل في ما يتعلق بالسعادة. و لكن الخبر الجيد هو أنه إذا تجاوز الأزواج ركود ما بعد السنتين و استطاعوا الثبات لعقدين إضافيين، فقد يستطيعون أن يستعيدوا حماسة شهر العسل و لكن بعد وقت يقارب 18 أو 20 سنة أو أكثر، أي حين يغادر أولادهم المنزل، و يصبح لديهم متسع الحرية لملء الفراغ الحاصل، و حينها يحصلون على نعمتهم الأولى مرة أخرى.
عندما يكون الحب جديدًا، يكون للأشخاص مساحة نادرة لاختبار سعادة أكبر حتى عندما يكونون عالقين في المشاكل اليومية كزحمة السير أو موعد طبيب الأسنان مثلًا. فيكون الأزواج في مخاض المرحلة التي يسميها العلماء "الحب الشغوف" و هي حالة من الشوق المشحون، و الرغبة، و الانجذاب. مع الوقت، يتحول هذا النوع من الحب عمومًا الى "حب الصحبة"، و هو حب ينطوي على شغف أقل و لكنه يكون مزيجًا من العاطفة و التواصل. و السبب هو أن الأشخاص كما ظهر في حوالى 100 دراسة، عرضة لمتعة التعود أو التأقلم، و هي قدرة فطرية على الاعتياد أو الحصانة في وجه أغلبية تغيرات الحياة، إيجابية كانت أو سلبية.
مع كامل الاحترام للشعراء و مغنّي الرومانسية ، يبدو الحب الجديد ضعيفًا أمام متعة التأقلم كوظيفة جديدة، بيت جديد، معطف جديد، أو أيّ مصدر جديد للمتعة و الرفاهية، على الرغم من أنّ الحماسة للشيء الجديد تتلاشى بسرعة في العادة.
و لكن متعة التأقلم تحصل عادة عندما يمر الإنسان بتجارب إيجابية. قد يكون الأمر قاسيًا، و لكنه صحيح: يميل الإنسان جسديًا و نفسيًا الى اعتبار التجارب الإيجابية في حياته أمرًا لا بد منه و مضمونًا، حيث يعتبر الناس أنهم انتقلوا الى مرحلة جميلة، و تزوجوا بشخص رائع، و استحقوا أعلى منصب في حياتهم المهنية. كم يكون الأمر رائعًا! و لكن بعد بعض الوقت، و بفضل قوى أوتوماتيكية، تتغير التوقعات، تتضاعف، أو تتمدد، ثم يبدأون التعود و التأقلم مع الظروف الجديدة على أنها تحصيل حاصل.
العلاقة الحميمة و الرغبة أيضًا معرّضتان لمتعة التأقلم. و قد أظهرت الدراسات المتعلقة بالموضوع أن النساء و الرجال يصبحون أقل حماسة و رغبة بعد تكرار المشهد نفسه. قد تكون الألفة أو قد لا تكون مصدرًا للنفور، و لكن العلماء أكدوا أنها تولّد عدم الاهتمام. فكما يقال: "القبلة الأولى سحرية، الثانية حميمة، و الثالثة روتينية".
هناك أسباب عملية و طورية و نفسية لعدم دوام "الحب الشغوف" لوقت طويل. فإذا كنت مهووسة بشكل كامل بالشريك و قريبة منه بشكل متكرر يوميًا، فستكونين غير فعالة في عملك و قليلة الاهتمام بأطفالك، او صحتك. و بحسب أحد الأزواج الذي استمر زواجهما لعقود: "لو لم يتبخر الشغف في علاقتنا، لما فعلنا شيئًا آخر في حياتنا".
إذًا، لماذا يحدث هذا التحول من "الحب الشغوف" الى "حب الصحبة" في أغلب الأحيان و على شكل تراجع؟ لأنه على الرغم من أن الناس لا يلاحظون الأمر، البشر متصلون بقوّة بتنوع الشهوات. فالتنوع و التجديد يطالان النظام الدماغي بالطريقة نفسها التي تفعلها المخدرات، فيقوّي النشاط الذي يقويه الناقل العصبي الدوبامين، كما تفعل الأدوية تحديدًا.
في النهاية، الحياة الزوجية مليئة بالمفاجآت، و ما من ثنائي يشبه الآخر، ما يجعل نتائج هذه الدراسة قاعدة ليست بعامة.