الكاتبة منال علي بن عمرو: "بعيداً عن أيادي المومسات" عنوان لا يستفزّ المجتمع

الكاتبة منال علي بن عمرو: "بعيداً عن أيادي المومسات" عنوان لا يستفزّ المجتمع

Nawa3em by 12 Years Ago

"صباحك وصباحي في أماكن مختلفة إلا أنه يجتمع في قلبينا صباحاً واحداً... يقبّلُ كل منا جبين الآخر مبتسماً للقدر، لعله يجمعنا يوماً".
"يملأني بالحكايا.. ثم يرحل كقطار بخاري، بضجيج وعجرفة. أسلك طريقي نحو الموانئ هذه المرة، بحثاً عن قارب صغير... ضل مساره نحوي، وصل إلى حيث لا ينتمي".
"تلك المغامرات الصغيرة، الشقية... أحب أن أجدني فيها من جديد امرأة الرواية... عنوان مبهم، عدد لا ينتهي من الصفحات. وحده النهر يستمر في العطاء".

كلمات لضيفة "نواعم" الكاتبة والسينمائية الاماراتية منال علي بن عمرو، التي تعمل أيضاً في مجال الإخراج السينمائي كما أنّها مصوّرة وفنانة تشكيليّة بحكم الجوائز العديدة التي حصدتها في هذه المجالات، ومنها جائزة مهرجان دبي السينمائي الدولي لأفضل موهبة سينمائية محلية عام 2007، وجائزة أفضل مخرجة إماراتية واعدة من مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2009، إضافة الى المركز الأول (الميدالية الذهبية) في فئة البورتريه من مسابقة المعرض الأوروبي الثالث للمصورين العرب بألمانيا عام 2006.

ألا ترين أنه يجب على المبدع تكريس إبداعه في مجال بعينه حتى يتحقق الزخم والتراكم الكمي والكيفي له كي يحقق بصمة واضحة في هذا المجال؟
لا أؤمن بهذه النظرة التي تحصر وتحدّ من استفادة المبدع من قدراته وإمكانياته، تعدد المجالات والتمكن منها منفذ للتعبير عن مكنوناته وأفكاره وإطلاق العنان لطاقاته الإبداعيّة مهما كان عددها أو حجمها، في نهاية المطاف تسخّر جميعها لإنتاج أدبي أو فني يعكس جزءاً منه كما يُمكنه من الشعور بالإنجاز دافعاً للاستمرارية والتطوير وتنمية مهاراته، ومع الخبرة واكتشاف الذات أعتقد أن المبدع تلقائياً يجد نفسه في مجال أكثر من الآخر دون أن يحرم نفسه فرصة المعرفة والتجربة في مجالات متعددة.

متى تقررين التركيز في مجال إبداعي محدد كالإخراج أو التصوير أو الكتابة؟ هل تحكمك هنا الحالة المزاجية أم قوة الفكرة أم ماذا؟
ما يحدّد المجال الذي أختاره هو الحاجة الداخلية للتعبير عن كيفية تقديم الفكرة وما هو المناسب لها لتخرج للنور وبعد ذلك أنطلق في التنفيذ، أما الحالة المزاجية فهي مرحلة تتحكّم بي كثيراً وإلزامي بعض الأحيان حيث لا يمكنني أبداً تقديم فكرة ما دون التأثير الساحر والمتحكم لمزاجي أو نفسيتي إن صح التعبير، وأحياناً كثيرة أتأثر بما يدور من حولي من خلال علاقاتي الشخصية أو أحداث إنسانية أو ربما قراءة كتاب أو مشاهدة واستماع.

ألا يستفزّ عنوان كتابك النثري الجديد "بعيداً عن أيادي المومسات" مجتمعنا المتحفظ؟ وكيف كانت ردود الفعل؟
لا يعنيني كثيراً إن كان عنوان كتابي مستفزّاً، ما يعنيني أنني تمكنت من التعبير عما أريد وبالشكل الذي أريده، بغض النظر عن رضى الآخرين من عدمه.
وكانت ردود الفعل متباينة ومتوقعة وهي مرحلة أرى أنها كانت من الضروري أن تكون قد تأخرت ما يقارب خمس سنوات لظروف وأسباب عديدة أعتقد أني تجاوزتها الآن بعد طباعة هذه المجموعة كما أردتها دوماً، أتطلع الآن للقادم من إنتاج أدبي حيث أعمل على كتابي الثاني (نقول الكثير في مزحة)، وهو شذرات عن الحب.

قرأت لك هذا التصريح "ذات يوم قرأت سيناريو لكاتب أجنبي حصل محلياً على دعم كامل لإنتاج فيلمه، البطل الرئيسي في الفيلم رجل أربعيني اسمه زينب" إلامَ كنت تشيرين؟
نعم كتبت هذه الجملة في صفحتي على تويتر وصفحتي في الفايسبوك، وفعلاً حدث ذلك حيث جعلني الأمر أتساءل: كيف لأناس غرباء يكتبون عن مجتمعاتنا بكل سذاجة وعبث ويُدعمون مادياً ومعنوياً لإنتاج أعمال سينمائية لا تمتّ لنا بأيّ صلة.

باعتبارك كاتبة ومخرجة سينمائية، ما رأيك بالصحوة السينمائية الحالية في دولة الامارات؟ وكيف تقيّمين تجارب إنتاج الأفلام الإماراتية؟
الاهتمام السّينمائي من خلال المسابقات والمهرجانات والتّركيز على تقديم الدعم الإنتاجي للأعمال المحليّة والمشاركة في إنتاج أعمال عالميّة خطوات قوية وثابتة لترسيخ اسم الإمارات في عالم السّينما والخوض أيضاً في مجال الإنتاج السينمائي هو أمر تجاري يدر عائدات ماليّة، حيث إنها صناعة لا يُستهان بها من شأنها إذ تشكل إيراداتها عائدات لا حصر لها إن جرى التعامل مع الصناعة بالطريقة المدروسة والمناسبة، وبالنسبة لنا هي ليست صحوة بقدر ما هي بذرة تنمو جذورها عميقاً شيئاً فشيئاً.
لست مخوّلة تقييم إنتاج أفلامنا الإماراتية إلا أنني كمتابعة ومهتمة بهذا المجال وكرأي شخصي أرى أنها أعمال في تقدّم وتميّز مستمر.

لأنّ الطفولة هاجس جميل لمعظم الكتاب، هل نمط الحياة اليوم يحرم أطفالنا من خبرات حياتيّة وعادات وتقاليد استمتع الجيل السابق بها؟
أنا مؤمنة بأنّ كل زمان له جيله بقدراته وتوجهاته وتطلعاته وحاجاته بما هو متاح من بساطة أو تعقيد، لكن ما يدعو للحزن والقلق أنّ الحداثة والتّقنيات المتوفرة الّتي تحكّمت في شكل حياتنا الاجتماعيّة واندثار الكثير من المميّزات الجميلة خلقت حاجزاً غير مرئي وهوة عميقة تركت جهلاً واضحاً في الهوية التي تمثّلنا من لغة وعادات وغيرها من تفاصيل تخصّنا باتت مفقودة أو شكليّة من الجانب الأخلاقي والسلوكي والاجتماعي والإنساني، وأرى أنّ الجيل الحالي من أولياء الأمور عليهم التّمسك أكثر بالهوية لأن الإنسان ابن بيئته، وتتكوّن شخصيّته من خبراته وتجاربه فيها، وإن فقدنا الشكل الحقيقي الأجمل فما الذي سيبقى لنا لنقدمه ونتميّز به؟ من سنمثل؟

"الكتابة انفتاح جرح ما" هي مقولة لكافكا، هل توافقينه الرأي؟ عندما نكتب هل هذه جراحنا التي نخطها على السطور أم نرسم جراح من حولنا في حروف وكلمات؟
بالتأكيد أوافقه الرأي، حين نكتب فإن كلّ الجراح والأفراح والذكريات والتّجارب والتّفاصيل الملهمة تشحذ طاقتها لتخطّ على السّطور ما يمكن أن يسكن الروح ولو قليلاً، التعبير الأدبي الأصدق لا يكون إلّا ونحن في مواجهة مع ما يملأ أعماقنا بما تقدّم فيها من وجع.

تقولين "لا تأخذ التاريخ من مصدر واحد، لا تأخذ التاريخ من فيلم سينمائي إنتاج أميركي، لا تأخذ التاريخ فقط لأنه يلائم ما أنت عليه"، ما هو تأثير السينما على الأجيال الحالية وكيف نواجه الرسائل المبطّنة فيها لتغيير أفكار مجتمعنا باتجاه قضاياه؟
 من المعلوم أن السينما استُغلّت كوسيلة من وسائل التوجيه وإرسال رسائل غير مباشرة، تلك حقيقة مدركة أحياناً وأحياناً أخرى مغيبة على الكثيرين، وعلى الرغم من أن السينما متعة وإبهار وإثارة، في الغالب وعلى مر أحداث كثيرة استغلت بوضوح للسيطرة ونشر الأفكار وترسيخ وجهة نظر سلبيّة عن العرب والإسلام والكثير من القضايا والاحداث التاريخيّة، فهي قدمت من وجهة نظر خاصة لا محايدة ولا موضوعية، ولذا يجب ألا نتأثر ونصدق كلّ ما يعرض من حقائق تاريخية فهي قد تكون ملفقة ومفبركة بصورة باهرة مؤثرة لكن مع تكرارها نصدقها، ما يسبّب خلق وجهات نظر خاطئة وتبعية فكرية مربكة.

أخيراً ما هو جديدك؟ وأين توجهين إبداعك هذه الأيام؟ هل سنرى فيلماً جديداً أم كتاباً أم معرض تصوير؟
أحاول إنهاء كتابي الثاني وهو بعنوان "نقول الكثير في مزحة" وهو مجموعة شذرات عن الحب. وأعمل على تطوير سيناريو فيلم كنت قد كتبته منذ عام سعياً لتنفيذه بإذن الله.

 

إضافة التعليقات

.