أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي ثورة كبيرة استباحت الحياة الخاصة لكل من قرّر أن ينخرط في دوامتها حتى بلغت عند البعض منهم حدّ الهوس والإدمان، لكنّها تحوّلت في الآونة الأخيرة إلى سيف ذي حدين، تارة سهّلت عملية التواصل بين النجوم ومحبيهم وطوراً كسرت هالة النجومية التي كانت تحيط بكل واحد منهم.
سنستعرض من خلال هذا التقرير التأثير السلبي لمواقع التواصل وخصوصاً "تويتر" على النجوم الذين قرّروا الانخراط في هذه الثورة.
بعدما كان النجوم يحتفظون بهالة تحيط بحياتهم الخاصة وحتى العامّة، والتي ساهمت في تكريس نجوميتهم على مرّ السنوات، باتت هذه الخصوصيّة مهدّدة إلى حدّ ما بفضل "تويتر" الذي ألغى كلّ ما له علاقة بالخصوصيّات وتحرّكات النجم والتي بات ينقلها وكأننا نشاهد تلفزيون الواقع.
لذلك بتنا نلاحظ كيف أن العديد من النجوم يفتقدون اليوم بريقهم وشعبيتهم وهذا ما نلمسه في بعض المهرجانات والحفلات، فالفنان الذي يضع حياته في خدمة المتابعين له عبر "تويتر"، حتماً سيفقد هذا البريق والرونق يوم يلتقيهم في حفلاته أو أي مناسبات خاصة.
فبعدما كنا ننتظر إطلالة نجم على أحرّ من الجمر في برنامج تلفزيوني أو في حفل شعبي كبير، ما عاد المتابع يبالي كثيراً، خصوصاً أن النجوم أسهبوا واسترسلوا في التغريدات التي أقلّ ما يمكن وصفها بالسطحية، فلا تقدّم إليهم أي إضافة بل على العكس تسطّح صورتهم أمام معجبيهم ومحبيهم.
كلامنا هذا لا ينفي أن البعض من النجوم تمكّنوا من المحافظة على التوازن وتجيير خدمة "تويتر" لخدمة فنهم، فلا يتواصلون مع معجبيهم إلا من خلال نشر خبر فني أو تعليق على موضوع يهم الرأي العام.
يؤسفنا ما آل إليه الوضع النفسي لبعض النجمات، اللواتي أصررن على مشاركتنا سطحيتهم وتعلقهم بالمظاهر، فتلك الفنانة لا تتوانى عن نشر صور أحذيتها الفاخرة وكأن مشاكل المجتمع العربي لا تكفيه ولا يهتمّ إلا بـ"سكربينتها"، ناهيك عن فنانة أخرى تسترسل في نقل حياتها اليومية فتصوّر لنا فنجان قهوتها ونشر صورها بوضعيات مختلفة أو عرض صور لحيواناتها الأليفة وأكسسواراتها ومجوهراتها...
كما أن "تويتر" ساهم إلى حد كبير في زيادة نسبة التصريحات الخاصة بالنجوم فاستعرت نيران التصريحات التي احتوت على ما هبّ ودبّ من كلمات وعبارات خادشة للحياء أدت إلى حصول قطيعة وخلافات جمّة بين نجوم ونجمات الصف الأول.
وأكثر ما يفاجئنا إقدام بعض النجمات على انحدارهن إلى مستوى بعض التغريدات التي تردهن من متابعيهن، إذ بإمكانهن وبكثير من البساطة تخطيها وكأنها لم ترد على حسابهم الخاص.
أما الأخطر في الموضوع فهو أن "تويتر" تحوّل إلى مطبوعة صحفية خاصة بالنجوم أثّرت على واقع الصحافة في العالم، حيث بات السبق الإعلامي في عصرنا هذا هو الرقم الأصعب على الإطلاق.
هذا الانفلات يواجه رقابة وانتقادات جمّة في الغرب، فعلى سبيل المثال يوم غرّدت كيم كارداشيان بكلام عن يومياتها في خضم الإعصار الذي كان يعصف بإحدى الولايات الاميركية واجهت انتقادات شرسة جداً على لا مبالاتها بما يحصل في بلدها.
لكن بعض النجوم أدركوا أهمية الفصل بين الإدمان على مواقع التواصل والحفاظ على نمط حياتهم اليومي، فالنجمة العالمية ميغان فوكس وعلى الرغم من أن متابعيها على تويتر بلغ عددهم مئات الآلاف قرّرت أن تغلق الحساب غير آبهة بالنتائج.
ولا يخفى على أحد أن بعض النجوم العرب، أضافوا على هذه المواقع بتغريداتهم اللائقة، والتي تعتبر انعكاساً لشخصياتهم الحياتية والفنية، كم تلفتنا صفحة الفنانة ماجدة الرومي بتغريداتها العابقة بكثير من الحب والفرح، وكذلك هو حال الصفحة الخاصة بالفنان العراقي كاظم الساهر الذي يكتفي بتغريدات جدّ متواضعة وعليه ينطبق المثل القائل "خير الكلام ما قلّ ودلّ".
في الختام، لا بدّ من إعادة النظر ومراجعة حسابات كل نجم بصفحته الخاصة، التي ينبغي أن تكون منارة تعكس صورة الفن الجميل الذي تليق بالفنان وبأخلاقه ومتابعيه، بدلاً من تحويلها إلى وسيلة سلبية لتبادل الشتائم والاتهامات. فإن أردتموها محطة أو صفحة صحفية خاصة بكم، فلتكن مرآة جلية تعكس صوركم الحقيقية.