تصادف اليوم ذكرى ميلاد النجم الراحل عبد الحليم حافظ المولود عام 1929 في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية في محافظة الشرقية والمتوفى في 30 مارس 1977. اسمه الحقيقي عبد الحليم علي شبانة وهو الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية.
تُوفيت والدته بعد ولادته بأيام، وقبل أن يتمّ عبد الحليم عامه الأول تُوفي والده، ليعيش يتيماً في بيت خاله الحاج متولي عماشة. كان يلعب مع أولاد عمّه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمّر حياته، علماً بأنه أجرى خلال حياته إحدى وستين عملية جراحية.
منذ دخول العندليب الأسمر المدرسة تجلّى حبّه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيساً لفرقة الأناشيد في مدرسته، التحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943 حين التقى بالفنان كمال الطويل، فدرسا معاً في المعهد حتى تخرّجهما عام 1948 ورشّح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج لكنّه ألغى سفره وعمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيراً بالقاهرة، ثم قدّم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفاً على آلة الأبواه عام 1950.
تمتد فترة بدايات عبد الحليم من إجازته في الإذاعة عام 1951 بعد تقديمه قصيدة "لقاء" من كلمات صلاح عبد الصبور وألحان كمال الطويل، حتى بدء تصويره أول أفلامه "لحن الوفاء" عام 1955، ولم تكن أعراض مرض البلهارسيا قد تفاقمت لديه.
في هذه الفترة كانت أغانيه تحوي نبرة من التفاؤل مثل "ذلك عيد الندى"، "أقبل الصباح"، "مركب الأحلام"، "في سكون الليل"، "فرحتنا يا هنانا"، "العيون بتناجيك"، "غني..غني"، "الليل أنوار وسمر"، "نسيم الفجرية"، "ريح دمعك"،"اصحى وقوم"، "الدنيا كلها"، لكن مع تفاقم مرض البلهارسيا بدءاً من عام 1956، نلاحظ أن نبرة التفاؤل بدأت تختفي من أغانيه تدريجاً، وتحل محلها نبرة الحزن.
تعاون مع الملحن محمد الموجي وكمال الطويل ثم بليغ حمدي، كما أن له أغاني شهيرة من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب مثل: أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا، ثم أكمل الثنائي (حليم - بليغ) بالاشتراك مع الشاعر المصري المعروف محمد حمزة في إصدار أفضل الأغاني وأبرزها زي الهوا، سواح، حاول تفتكرني، أي دمعة حزن لا، موعود. وقدّم خلال مسيرته أكثر من مئتين وثلاثين أغنية، امتازت بالصدق، والإحساس، والعاطفة.
أصيب العندليب الأسمر بتليّف في الكبد سببه مرض البلهارسيا، وكان هذا التليف سبباً في وفاته عام 1977 علماً بأنه عرف بمرضه عام 1956 عندما أصيب بنزف في المعدة وكان وقتها مدعوّاً على الإفطار في شهر رمضان لدى صديقه مصطفى العريف.
وبعد واحد وعشرين عاماً من معاناته، توفي العندليت يوم الأربعاء في 30 مارس/ آذار 1977 في لندن عن عمر يناهز ثمانية وأربعين عاماً، بسبب الدم الملوّث الذي نُقل إليه حاملاً معه التهاب الكبد الفيروسي الذي تعذّر علاجه مع وجود تليّف في الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر.
حزن الجمهور حزناً شديداً حتى إن بعض الفتيات من مصر انتحرن بعد معرفتهن بهذا الخبر، وقد شُيّع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والفنانة الراحلة أم كلثوم حيث شارك أكثر من 2.5 مليون شخص في الجنازة التي بانت فيها انفعالات الناس الصادقة.