مايا واكد لنواعم: أحب أن تكون موسيقاي وطنا للمغتربين

مايا واكد لنواعم: أحب أن تكون موسيقاي وطنا للمغتربين

Nicole Youhanna by 11 Hours Ago
هي مغنية لبنانية كندية وكاتبة أغان تحدّت الأنواع التقليدية؛ فالموسيقى العابرة للأنواع تحرّرها من القوالب السائدة، حملت بصوتها وجع المغتربين اللبنانيين فعبّرت عن الهوية والانتماء.
 
غنت سابقاً كمطربة داعمة لفيروز وسجلت مع زياد الرحباني، وهي تشتهر اليوم بإعادة تفسيرها وغنائها للكلاسيكيات، ولا سيما أعمال الملحن وعازف البيانو والكاتب المسرحي اللبناني الراحل زياد الرحباني.
 
نواعم أجرت هذا الحوار مع الفنانة مايا واكد التي تستعد لعرضها القادم في مسرح زعبيل، دبي في نوفمبر 2025.

1. كيف تصفين تطورك الفني على مر السنين؟

كان ألبومي الأول بعنوان ''حلم مجنون" عبارة عن إحياء لأغان من ثمانينيات القرن العشرين. ورأيت فرصة لبث حياة جديدة فيها لجمهور أصغر سنًا بتوزيع حديث يخاطب الأجيال الشابة مع احترام جوهرها الأصلي. بفضل هذه التجربة اتجهت تدريجياً إلى تقديم أغان عابرة للانماط السائدة من حيث التوزيع. من ثم بدأت بكتابة كلمات على ألحان عالمية معروفة أو فلكلور غربي وتحويلها إلى أغان تحاكي واقعنا كلبنانيين حول العالم. واصبحت طريقتي في التعبير عن تجارب وهوية مزدوجة أعيشها بالخارج. 
 
ولقد سمحت لي الفرصة مؤخراً أن أعيد تقديم أداء "أغنية شو عدا ما بدا’’  للعبقري زياد رحباني، أغنية عابرة للزمن وفريدة في لحنها وكلماتها، وأنا ممنونة لهذه الفرصة. أنا دائماً ابحث عن هذا النوع من الأغاني النادرة.

2. كيف تصفين معنى الموسيقى التي تتجاوز الأنماط التقليدية للألحان؟

أنا أتبنى ما يُعرف بـ”الموسيقى العابرة للأنواع“ لأنها تحررني من القوالب السائدة وتسمح لي أن استعير من الثقافات والأنماط المختلفة دون القلق بشأن البقاء في مسار معين. إن إنتاج هذا النوع من الموسيقى  يعني الحرية واستكشاف إمكانيات لا تحصى، وأصوات مختلفة، وموضوعات مختلفة. كل شيء ممكن والجميع مدعوون.

3. ما هي المواضيع أو الأفكار التي تحاولين إيصالها من خلال موسيقاك؟ كيف تستلهمين الأغاني التي تكتبينها؟ هل تأتيك الأفكار فجأة أم أنها نتيجة لتجربة معينة؟

لأن مسيرتي الفنية بدأت مع استقراري خارج لبنان، لطالما شعرت أن المغتربين بحاجة إلى صوت يعبر عما يعيشونه.
فتمحورت مواضيع أغنياتي حول الهوية والانتماء، مثلاً أغنية ''انسى اسمك''  التي كتبتها على لحن روسي فلكلوري تعبر باللبنانية عن شعور كل مغترب  يخاطب  الوطن قائلاً أتمنى أن أنساك ولكني لا استطيع. كتبتها على متن الطائرة العائدة بي من لبنان في فترة صعبة. أحاول أن انقل مشاعر الحب والشوق والأمل من خلال عدسة التعددية الثقافية ومواضيع الأغاني التي اكتب كلماتها. وهناك قسم كبير من الجمهور يعيش مثلي بين عوالم مختلفة، يبحث هو أيضاً عن هوية تتناسب مع تجاربه خارج الأوطان. وهذا ما يفسر التفاعل الكبير التي حظيت فيه أغنيتي '' حلمي غنيلك ببيروت''. فكل مغترب يسمعها يقول هذه أغنيتي وتعبر عني.

4. هل تعتقدين أن الموسيقى قادرة على تغيير المجتمع؟ وكيف تسعين لتحقيق ذلك من خلال أعمالك؟

الموسيقى بالنسبة لي أداة تواصل قوية، بين الناس والمشاعر. ويمكنها التأثير على الحالة المزاجية. فلهذا السبب، يمكن للموسيقى بالتأكيد أن تغير المجتمع من خلال تشكيل العقليات والتأثير على السلوك. يمكن لنص غنائي واحد أن يلقى صدى عميقًا لدى الأفراد، وتغيير وجهات نظر والمساهمة في تحولات ثقافية أوسع. الموسيقى هي أيضًا مرآة للمجتمع، ومهمة كل فنان هي التعبير عن هواجس الناس. أحب  أن تكون  موسيقاي وطنا للمغتربين وجسرا بين التجارب والهويات، واتمنى أن  تفتح آفاق جديدة وتثبت أن لدينا ثقافة غنية وذوقًا متنوعًا.

5. هل هناك فنانون آخرون تعتقدين أنه أثروا فيك بشكل خاص؟ وكيف؟

أنا أنتمي إلى عائلة نشأت في أجواء الأخوين رحباني وفيروز، ولقد  اتيحت لي فرصة رائعة للعمل في بداياتي مع زياد الرحباني كعضو في جوقة السيدة فيروز وفي تسجيلات الاستوديو. أثرت هذه التجربة في نفسي وعلمتني الكثير. فكالكثيرون استلهموا من العبقري زياد الرحباني الجرأة بالتأليف. هو الذي صنع للفن خطاً مختلف وإبداعا يدخل كل بيت وكل قلب، كما وأنه اعطانا فرصة لاكتشاف فيروز ثانية مختلفة عن فيروز الأخوين رحباني وهذا بحد ذاته إبداع عظيم على مستوى الوطن والعالم لا يتكرر. فكيف لنا أن لا نستلهم ونتأثر بهذا الفن؟

6. كيف تقيمين تفاعل جمهورك مع موسيقاك؟ وهل هناك قصة معينة تتذكرينها من تفاعلهم معك في العروض الحية؟

كل حفل مباشر يحمل سحرًا خاصًا والجمهور جزء من التجربة. أتذكر أن جمهور حفلتي ألو بيروت في مونتريال شعر بحنين سعيد خلال الأمسية مؤخراً. وكان  لأغنية ''من زمان''  صدى جميل في حفلات دبي، لأني كتبت كلماتها على لحن فلكلوري أجنبي يعرفه الجميع وهو موجود في الذاكرة الجماعية حاكت الكثيرين عندما قدمتها باللغة اللبنانية، فشعر الجمهور العربي واللبناني وكأنها تتكلم عن قصصهم مع أصدقاء الطفولة.
 
شو كنا من زمان نسهر تننسى ننام
وتمضى الأيام أعياد وسهريات
كنا أعز صحاب نحلم نضل قراب
ما كنا نخاف تسبقنا الذكريات
 
الجمهور الأجنبي فرح أيضاً بسماعه هذا اللحن المعروف بعذوبة اللغة اللبنانية.

7. ما هو الدور الذي تلعبه اللغة في موسيقاك؟ وهل تعتقدين أن اللغة يمكن أن تعزز التأثير العاطفي للموسيقى؟

بالرغم من أني في بعض حفلاتي أغني مقاطع بلغات أجنبية، تبقى اللغة  اللبنانية لغة طفولتي صوت جذوري، عائلتي وذاكرتي. كل شيء آخر هو محادثة مع هذا الأصل. ومن هنا، يصبح المزج بين الفرنسية وغيرها أقل ارتباطًا بالاندماج من أجل الجديد وأكثر ارتباطًا بحمل جذوري اللبنانية إلى عوالم جديدة والسماح لها بالتكيف والاستجابة  من دون أن تفقد روحها.

8. كيف توفقين بين حياتك الشخصية والفنية؟ وهل هناك توازن معين تحاولين الحفاظ عليه؟

تواجه جميع النساء العاملات، سواء في مجال الموسيقى أو أي مجال آخر، التحدي المتمثل في ضمان التوازن بين الأسرة والحياة المهنية. أنا سعيدة ومتصالحة مع فكرة التوازن ولا أراه عائقاً أمام تحقيق ما اتمناه في رحلتي مع الموسيقى.
اليوم أكثر من أي وقت مضى، أصبحت عائلتي الصغيرة مصدر دعم كبير لي كما أصبحت موسيقاي مصدر إلهام لهم في حياتهم اليومية. فالحياة تتكفل أن تعيد لكل امرأة أضعاف ما قدمته لعائلتها.

9. كلمة خاصة من مايا لقرّاء نواعم

أحب كلمة ’نواعم’ التي تصف القارئات. أجل تتميز النساء بنعومة فريدة وهذه النعومة تغلف قوة خارقة وقدرة على التكيف مع فصول الحياة. اتمنى أن تكون كل امرأة على يقين ومؤمنة بهذه القوة الناعمة التي تتميز بها..

إضافة التعليقات

.