المتابع للمشهد الدرامي المصري يرى أنّ أغلب السيناريوهات كتبت في عصر النظام السابق الذي كان يفرض تدخلاته في كل عمل ينتقده وينتقد رموزه. وهو ما وضع أغلب الكتاب في مأزق محيّر بين نقل الواقع الاجتماعي المؤلم وهموم المواطن كما هي وخوض مغامرة الاصطدام بالنظام المصري، وبين الابتعاد عن الصدام والانتقاد أو مجاملة النظام. والخيار الثاني غالبا ما يكون مدعوماً من السلطة، إلا إنّه لا يجني سوى رضى النظام ولعنة الجمهور.
اختلف الأمر كثيراً بعد الثورة. إلا أنّ مأزق كتابة الأعمال في العصر السابق والشروع في تصوير معظم مشاهدها وضع كتّاب السيناريو والمنتجين في مأزق آخر هو كتابة ما ينتظره المشاهد من عمل يجسد له ثورته وانتصاره وهمومه التي باتت شبحاً أرّقه كثيراً بعد الثورة التي لا تعرف قائداً تختصم عنده وتفهم منه مستقبلها ومصيرها.
"عريس دليفري" أحد المسلسلات التي كتبت قبل الثورة واستقر الأمر على إعطاء البطولة للفنان الكوميدي هاني رمزي الساخر من النظام السابق في أغلب أعماله. لكن المفارقة أنّ المسلسل لا يحاول انتقاد السلطة أو التركيز على رمز أو شخصية لعبت دوراً في نظام مبارك. على أن رمزي له ما له في مهاجمة وانتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية التي يعانيها الجمهور المصري.
السيناريست حمدي يوسف مؤلف "عريس دليفري" يحاول في حوار خاص لـ "نواعم" الإجابة عن بعض التساؤلات والجدل المُثار حول المسلسل. يقول: ""عريس دليفري" يتناول قضايا عدة هامة وخطيرة أولها التحول الحاد في شخصية الرجل الشرقي واختفاء الرومانسية في علاقاته العاطفية بسبب الهموم والبحث عن لقمة العيش. كما يتطرق لظاهرة الغربة والسفر من أجل السفر وعقدة الخواجة. وهو ما يقدمه هاني رمزي البطل الذي سافر واعتقد أنّ الحياة وردية في المهجر. إلا أنّه فوجئ باختلاف كبير بينه وبين المجتمع الجديد في عاداته وتقاليده. وبعد غياب، قرر العودة إلى مصر ليكتشف أيضاً أنّ القيم تغيرت كثيراً عما كانت عليه قبل سفره خصوصاً معايير اختيار الزوجة".
وينفي السيناريست الشهير إدخال أي تعديلات على السيناريو الذي كتب قبل الثورة مثلما فعل كثيرون، موضحاً أن المسلسل يركّز على قضايا المواطن بشكل كوميدي اجتماعي بحت من دون مجاملة أو انتقاد للنظام السابق ورموزه.
ويرى يوسف أنّ المسلسل أثبت نفسه والتحم مع الشارع المصري منذ عرض أولى حلقاته، كونه يتطرق إلى الهموم والقضايا التي يعانيها الجمهور المصري بشكل فكاهي وكوميدي. ولفت إلى أنّه يحاول في كل أعماله أن يشوق المشاهد في كل حلقة حتى يتابع الحلقات التالية.
ويتفق يوسف مع بعض النقاد الذين وصفوا الأعمال التي تناولت "ثورة 25 يناير" بأنّها ركوب للموجة، موضحاً أنّ الثورة لا بد من أن تستكمل أهدافها حتى يتسنى للكاتب تحديد بدايتها، وتوجهها ونهايتها. وأشار إلى أنّ الأعمال التي تناولت الثورة ركوب للموجة وغير مكتملة.
وعن مستقبل الدراما الرمضانية بعد الثورة، يقول يوسف: "أرى أن الأمور لن تختلف كثيراً عن ذي قبل. أعتقد أن من سيحدد مستوى الأعمال هو الجمهور الذي يبقى معيار ما يعرض من أعمال".
يذكر أنّ "عريس دليفري" من بطولة النجم الكوميدي هاني رمزي يشارك في بطولته مع كوكبة من نجوم الكوميديا منهم حسن حسني، وصلاح عبد الله، وهالة فاخر، وإيمي سمير غانم. والعمل سيناريو وحوار حمدي يوسف، وإخراج أشرف سالم.