حديث عن الحلم والعفو

by Passant khalifa 7 Years Ago 👁 17598

من أهم ما يميّز الدين الإسلامي، أنه يتطرق إلى جوهر السلوكيات الإنسانية، ويحث دوما على الترفع عن المشاعر التي تتدنى بسلوكياتنا إلى البغضاء والحقد، والسمو إلى مشاعر الصبر والتسامح والعفو.


ومن أهم السلوكيات السلبية التي أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالابتعاد عنها وتجنبها من خلال تعاليم كل الرسالات السماوية التي سبقت القرآن الكريم هي الانسياق وراء مشاعر الغضب. كما شدد الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز على ضرورة تجنب الغضب والانسياق وراء عواقبه، بالإضافة إلى كثير من أحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي حثت على كظم الغيظ والتحكم في مشاعر الغضب، وفضل مثل هذا السلوك.


كما ضرب رسول الله عليه الصلاة والسلام الكثير من الأمثال في إختيار العفو والحلم كرد فعل للإساءة في الكثير من مواقف السنة النبوية. فقد دخل رسول الله على مشركي قريش بعد فتح مكة وقد طأطأوا رؤوسهم خوفا مما قد يفعله بهم سيدنا محمد، خاصة بعد السنوات الطيلة التي عذبوه فيها وقومه، وحاصروهم ومنعوا عنهم الطعام وبينهم أطفال. إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار العفو عنهم وأطلقهم.


فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه قال: "ما نَقَصَت صدقةٌ من مال، وما زاد اللَّه عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تَوَاضعَ أحد للَّه إِلا رفعه اللَّه". رواه مسلم
والمثال السابق ليس المثال الوحيد الصريح على أهمية صفة العفو والحلم في المسلم، فالدين الإسلامي يضرب خير مثال في الإقتداء بصفة العفو والحلم في عفو الله جل جلاله عن عباده جميعا رغم الذنوب التي يقترفونها وتكرارها مرارا، ثم العودة والتوبة إليه. بل إن الله سبحانه وتعالى يسامح عباده المخطئين التوابين، ويعفو عما سبق من ذنوبهم.


فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "قال النبيّ: "ما أحد أَصبَر على أذى سمعَه من اللَّه؛ يدَّعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم". رواه البخاري
ومن خلال هذا الحديث الأخير يضرب الرسول صلى الله عليه وسلم أهم مثال للإقتداء به في فضيلة العفو والحلم، فالله جل جلاله يحب عباده، ورغم بطشه وقدرته على الخشف ببنيآدم في صيحة واحدة، إلا أنه يعفو عن صغائرنا وكبائرنا وذنوبنا، بل ويرزقنا المال والصحة، بل ويحتسب كل حسنة صغيرة وفضيلة مثقال ذرة في الدنيا ليرحمنا ويعفو عنا عند الحساب.