شعر غزل عراقي

by Aliaa 9 Years Ago 👁 2865

يتميّز الشعر العراقي بالمعاني المتعددة والألفاظ القوية، واخترنا لكم هنا ابياتاً من شعر الغزل العراقي الجميل لتستمتعوا بها كثيراً.

 

المحتويات:

 

شعر غزل عراقي لبدر شاكر السياب:

اتبعيني

فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد

حالم الأغوار بالنجم الوحيد

وشراع يتوارى واتبعيني

همسة في الزرقة الوسنى وظل

من جناح يضمحل

في بقايا ناعسات من سكون

في بقايا من سكون

في سكون

**

هذه الأغوار يغشاها خيال

هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال

تعكس الأمواج في شبه انطفاء

لونه المهجور في الشط الكئيب

في صباح ومساء

وأساطير سكارى ... في دروب

في دروب أطفأ الماضي مداها

وطواها

فاتبعيني .. إتبعيني

**

اتبعيني ... ها هي الشطآن يعلوها ذهول

ناصل الألوان كالحلم القديم

عادت الذكرى به ساج كأشباح نجوم

نسي الصبح سناها والأفول

في سهاد ناعس بين جفون

في وجوم الشاطئ الخالي كعينيك انتظار

وظلال تصبغ الريح وليل ونهار

صفحة زرقاء تجلو في برود

وابتسام غامض ظل الزمان

للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد

اتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان

في غد حتى وإن لم تتبعني

يعكس الموج على الشط الحزين

والفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين

**

أمس جاء الموعد الخاوي وراحا

يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا

كنت وحدي .. أرقب الساعة تقتات الصباح

وهي ترنو مثل عين القاتل القاسي إليا

أمس.. في الأمس الذي لا تذكرينه

ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته

واختفى في ظلمة الليل قليلاً فقليلا

وتناءت في ارتخاء وتوان

غمغمات مجهدات وأغاني

وتلاشت تتبع الضوء الضئيلا

أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه

ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته

واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا

 

شعر غزل عراقي ليحيي السماوي:

في الحب تبر طفولة وصبا

لا تسألي من كان قد وهبا

يستنبت الرّيحان والعنبا

مازال رغم حريقه مطراً

قلباً أناب لنبضه الأدبا

وُشِمت جوارحه بمن سكنت

ماضٍ يطلّ على غد حدبا

أسرى به والعشق هودجه

ولسمطه الياقوت والذهبا؟

أولست ناعوراً لجدوله

دفء ونفح غالب الحجبا

في أقحوانك من مدامعه

ينسي العيون الجفن والهدبا؟

أفتسألين سواه؟ أين هوى

وجد يؤمّل منك مقتربا

تنأى به الأحلام فهو على

لو أن قنديل المساء خبا

يقفو دجاك بشمس مقلته

ثمل وغير هواك ما شربا

ويرش رملك من ندى دمه

كاساته، ورحيقه كذبا

صدقتْ ثمالته وقد كذبت

هرمت ونبعاً كان قد نضبا

أيقظت في الطفل الألوف منى

خبر الهوى وهماً ومنقلباً؟

ياويحه ـ الطفل الألوف ـ أما

جفنيه لمّا أدمن الوصبا

نكثت به الأحلام فانتبذت

هذا الذي صرنا له حطبا؟

ويحي عليك.. عليّ.. أيّ هوى

كهفاً مع البلوى ومغتربا

فضح الهوى سرّي ووطّنني

أوتاره في غربة طربا

وأذلّ قيثاري فما عرفت

مستسهلاً في الحب ما صعبا

ويحي عليّ.. نزفت أزمنتي

روحي أزيد صبابة؟ عجباً!

عجباً عليّ! أكلّما وهنت

وقسا فقلت: مسامح عتبا

جحد الحبيب فقلت: ذا زعلٌ

نصل الجفاء وأوهنت عصبا

ندمى فنسترضي يداً غرستْ

وجحود من خذل المنى سبباً

ولقد نرى لنزيفنا سبباً

ترجو لعشب ظامئ سُحُبا؟

مولاي ياقلبي.. أمن حجر

سفني تصارع مزبداً لجبا

خمسون ـ أو كادت ـ وما برحتْ

عذب يضاحك متعباً تربا

خمسون ـ أو كادت ـ ولا مطر

أمسيت أحسب يومها حقبا

خمسون ـ أو كادت ـ لفرط ضنى

في الروح أنّ الحتم قد قربا

خمسون! يوهن عزمها وجع

لي بالرجوع لمعشر وربى

خمسون ـ أو كادت ـ ولا أمل

فاختارها لرفيفه نسبا

لـ«سماوة» شغف الفؤاد بها

ليلاً عصيّ الصبح مضطربا

فأردّ عن أمي وقد عميت

ظلاً بصحن «الحوش» والرّطبا

ولنخلة «البرحيّ» تطعمنا

حرزاً وناطوراً ونبع صبا

كنّا ـ لفرط الود ـ نحسبها

منا.. ونحسب خوصها طنبا

حتى كأن عذوقها نفر

فيها وفرخاً آمن اللعبا

مازلت أذكر عش فاختة

أيدٍ بعش يحضن الزغبا؟

ما حالها بعدي؟ وهل عبثت

ليت «السماوة» تتقن الهربا

للطين ـ وهو دمى طفولتنا

شبر ـ زماناً ـ ليته احتجبا

بيني وبين ضحى شواطئها

ألقى على بستانها الجربا

فيحاء لولا أنّ طاغية

إلاّ صديد القيح والسّغبا

فتوسّدت صخراً وما التحفت

لكنما القلب العنيد أبى

رغَّبت نفسي عن «سماوتها»

تعب بعكاز المنى فكبا

جفّ النداء على فمي ومشى

وتغلّ دون الطالب الطّلبا

تلهو الرياح بجفن أشرعتي

ولقد تؤجج زفرة لهبا!

الذكريات؟ تزيدني وجعاً

بغد قتيل أو رماد صبا

أشياء لا أغلى! تذكّرني

عمري فألفت صرحه خربا

نبشت سويعات مجنّحة

إن كان زهر شبابه احتطبا؟

ماذا سيبقى من حدائقه

أبقى بكأس القلب أو حببا

سكب النوى عمري فلا عبقا

باسم المنى.. يانِعم ما كتبا!

كتب الهوى أن يستباح غدي

 

مراجع:

adab.com

adab.com