شعر رثاء
شعر الرثاء هو الشعر الذي يقوله الشاعر في حالة وفاة أحد من أحبائه أو اقربائه أو أصدقائه، ويذكر فيه صفاته المميزة ومناقبه وألمه في فراقه وبعاده، وجمعنا لك هنا أبيات شعر رثاء رائعة لكبار الشعراء.
المحتويات:
شعر رثاء لايليا أبو ماضي:
أوى فنور الفرقدين ضئيل وعلى المنازل رهبة وذهول
خلق الأسى في قلب من جهل الأسى قول المخبر:مات رافائيل
فمن الجوى بين الضّلوع صواعق وعلى الخدود من الدّموع سيول
قال الّذي وجد الأسى فوق البكا وبكى الّذي لا يستطيع يقول
يا مؤنس الأموات في أرماسها في الأرض بعدك وحشة وخمول
لا الشّمس سافرة ولا وجه الثّرى حال، ولا ظلّ الحياة ظليل
ما زال هذا الكون بعدك مثله لكنّ نور الباصرات كليل
نبراسّنا في ليل كلّ ملمّة اللّيل بعدك حالك وطويل
هبني بيانك ، إنّ عقلي ذاهل ساه وغرب براعتي مفلول
قدفتّ في عضد القريض وهدّه هول المصاب، فعقده محلول
مالي أرى الدّنيا كأنّي لا أرى أحدا كأن العالمين فضول
أبكي إذا مرّ الغناء بمسمعي فكأنّ شدو الشّاديات عويل
نفسي التي عللّتني بلقائه اليوم لا أمل ولا تعليل
ذوبي فإنّ العلم ماد عماده والدّين أغمد سيفه المسلول
هذا مقام لا التّفجّع سبّة فيه ولا الصّبر الجميل جميل
ما كنت أدري قبل طار نعيّه أنّ النّفوس من العيون تسيل
ما أحمق الإنسان يسكن للمنى والموت يخطر حوله ويجول
يهوى الحياة كأنّما هو خالد أبدا ويعلم أنّه سيزول
ومن العجائب أن تحنّ إلى غد وغد، وما يأتي به ، مجهول
لا تركننّ إلى الحياة فإنّها دنيا هلوك للرّجال قتول
سكت الّذي راض الكلام وقاده حتى كأن لسانه مكبول
يا قائل الخطب الحسان كأنّها لجمالها ، الإلهام والتّنزيل
إن كان ذاك الوجه حجّبه الثّرى للنّجم في كبد السّماء أقول
ليس الحمام بناقد لكنّما قدر العظيم على العظيم دليل
نم تحرس الأملاك قبرك إنّه فيه الوقار وحوله التّبجيل
فلكم قطعت اللّيل خاف نجمه متهجّدا، والسّاهرون قليل
مستنزلا عفو الإله عن الورى حتى كأنّك وحدك المسئول
تبغى اللّذاذات النّفوس وتشتهي واللّه ما تبغيه والإنجيل
لولا مدارس شدتها وكنائس ما كان إلاّ الجهل والتّعطيل
أنفقت عمرك في الإله مجاهدا أجر المجاهد في الآله جزيل
شعر رثاء لعبد الرحمن العشماوي:
هزي جذوعك يا غصون اللوز |
في وطني الحبيب |
فلربما صار البعيد لنا قريب |
ولربما غنت عصافير الصفاء |
وغرد القمري |
وابتسم الكئيب |
هزي غصونك |
وانثري في الأرض لوزك يا جذوع |
ودعي النسيم يثير أشجان الفروع |
ودعي شموخك يا جذوع اللوز |
يهزأُ بالخضوع |
هزي غصونك |
ربما سمع الزمان صدى الحفيف |
ولربما وصل الفقير إلى رغيف |
ولربما لثم الربيع فم الخريف |
هزي غصونك |
ربما بعث الصفاء إلى مشاعرنا |
بريدَهْ |
ولربما تتفيأ الكلمات في درب المنى |
ظل القصيدة |
أنا يا جذوع اللوزِ |
أغنيةٌ على ثغر اليقين |
أنا طفلة نظرت إلى الآفاق |
رافعة الجبين |
أنا من ربا المرزوق |
تعرفني ربوع بني كبير |
أملي يغرد يا جذوع اللوز |
في قلبي الصغير |
وأبي الحبيب يكادُ بي |
من فرط لهفته يطير |
أنا ياجذوع اللوز من صنعت لها المأساة |
مركبةً صغيرة |
أنا مَنْ قدحْتُ على مدى الأحلام |
ذاكرة البصيرة |
لأرى خيال أبي وكان رعيتي |
وأنا الأميرة |
كم كنت أمشط رأسهُ |
وأجر أطراف العمامةْ |
وأريه من فرحي رُباً خضراً |
ومن أملي غمامةْ |
كم كنت أصنع من تجهمه |
إذا غضب، ابتسامهْ |
أنا ياجذوع اللوز |
بنت فقيد واجبه مساعد |
أنا مَنْ تدانى الحزن من قلبي |
وصبري عن حمى قلبي |
تباعدْ |
أنا طفلة تُدعى عهود |
أنا صرخةٌ للجرح |
تلطم وجه من خان العهودْ |
أنا بسمةٌ في ثغر هذا الكونِ |
خالطها الألمْ |
صوتي يردد في شمم |
عفواً أبي الغالي، إذا أسرجت |
خيل الذكرياتْ |
فهي التي تُدني إلى الأحياء |
صورة من نأى عنهم |
وماتْ |
عفواً |
إذا بلغت بي الكلماتُ حدَّ اليأس |
واحترق الأملْ |
فأنا أرى في وجه أحلامي خجلْ |
... |
|
|
|
|
|
أراك تُشيح عني ناظريكْ |
وأنا التي نثرتْ خُطاها في دروب الشوق |
ساعيةً إليك |
ألبستنا ثوب الوقار |
ورفعتَ فوق رؤوسنا تاج افتخارْ |
إني لأطرب حين أسمع من يقول |
هذا شهيد أمانته |
بذل الحياة صيانةً لكرامته |
أواهُ لو أبصرتَ |
زهوَ الدَّمع في أجفان غامدْ |
ورأيت - يا أبتاه - كيف يكون |
إحساس الأماجدْ |
أواه لو أبصرت ما فعل الأسى |
ببني كبير |
كل القلوب بكتْ عليك |
وأنت يا أبتي جدير |
أنا يا أبي الغالي عهود |
أنسيتَ يا أبتي عهود |
أنا طفلةٌ عزفتْ على أوتار بسمتها |
ترانيم الفرح |
رسمتْ جدائلُها لعين الشمس |
خارطة المرَحْ |
كم ليلةٍ أسرجتَ لي فيها قناديل ابتسامتك الحبيبهْ |
فصفا فؤادي وانشرحْ |
أختايَ يا أبتي وأمي الغاليهْ |
يسألنَ عنك رحاب قريتنا |
وصوت الساقيهْ |
أرحلت يا أبتي الحبيب؟؟ |
كلُّ النجوم تسابقت نحوي |
تزفُّ لي العزاءْ |
والبدر مدَّ إليَّ كفاً من ضياءْ |
والليل هزَّ ثيابه |
فانهلَّ من أطرافها حزنُ المساء |
تتساءل المرزوق يا أبتي الحبيب |
ما بال عينِ الشمس ترمقنا |
بأجفان الغروبْ |
وإلى متى تمتدُّ رحلتك الطويلةُ يا أبي |
ومتى تؤوب؟؟ |
وإلى متى تجتثُّ فرحتنا |
أعاصير الخطوب |
هذا لسان الطَّلِّ يُنشِدُ للربا |
لحن البكاءْ |
هذي سواقي الماء في وديان قريتنا |
على جنباتها انتحر الغُثاءْ |
هذا المساءْ |
يُفضي إلى آفاق قريتنا |
بأسرار الشَّقاء |
يتساءل الرمان يا أبتي |
ودالية العنب |
والخوخ والتفاح يسألُ |
والرطبْ |
وزهور وادينا تشارك في السؤالْ |
ويضجُّ وادينا بأسئلةٍ |
تنمُّ عن انفعالْ |
ماذا أصاب حبيبنا الغالي مساعد |
كيف غابْ؟ |
ومتى تحركت الذئابْ؟ |
ومتى اختفى صوتُ البلابلِ |
وانتشى صوتُ الغراب؟ |
يا ويح قلبي من سؤالٍ |
لا أطيق له جوابْ |
ما زلتُ - يا أبتي - أصارع حسرتي |
وأسد ساقية الدموعْ |
أهوى رجوعك يا أبي الغالي |
ولكنْ |
لا رجوعْ |
إن مُتَّ يا أبتي |
وفارقت الوجودْ |
فالموتُ فاتحة الخلودْ |
ما مُتَّ في درب الخيانة والخنى |
بل مت صوناً للعهود |
يا حزنُ |
لا تثبتْ على قدمٍ |
ولا تهجر فؤادْ |
فأنا أراك لفرحتي الكبرى امتدادْ |
إن ماتَ - يا حزني - أبي |
فالله حيٌّ لايموتْ |
الله حيٌّ لايموتْ |
شعر رثاء لإبراهيم ناجي:
قل للذين بَكَوا على شوقي
النادبين مصارع الشُّهبِ
والهفَتاهُ لمصر والشَّرق
ولدولة الأشعار والأدبِ
دنيا تَقَرُّ اليومَ في لحدٍ
وصحيفةٌ طُويت من المجدِ
ومُسافرٌ ماضٍ إلى الخلد
سَبَقَتهُ آلاءٌ بلا عَدِّ
هذا ثَرى مصرَ الكريمُ وكم
أكرمتَهُ وأشدتَ بالذكرِ
يلقاك في عطفِ الحبيبِ فنم
في النور لا في ظُلمةِ القبرِ
كم من دفينٍ رحتَ تحييهِ
وبَعثتَهُ وكَففتَ غُربَتَهُ
فاحلل عليه مكرَّماً فيه
يا طالما قَدَّست تُربتَهُ
يا نازلَ الصحراء موحشةً
ريَّانةً بالصمت والعدمِ
سالت بها العبرات مجهشةً
وجَرت بها الأحزان من قدمِ
هذا طريق قد ألفناهُ
نمشي وراءَ مُشَيَّعٍ غالِ
كم من حبيب قد بكيناهُ
لم يُمحَ من خلدٍ ولا بالِ
وكأنَّ يومك في فجيعته
هو أول الأيامِ في الشَّجنِ
وكأنَّما الباكي بدمعتهِ
ما ذاق قبلك لوعةَ الحزنِ
فاذهب كما ذهب النهار مضى
قد شيَّعَته مدامعُ الشفق
واغرب كما غرب الشعاع قضى
رفّت عليه جوانح الغسق
ما كنت إلاَّ أمةً ذهَبت
والعبقريَّة أمَّةُ الأمَم
أو شُعلة أبصارنا خلبت
ومنارة نُصبَت على عَلَمِ
يا راقداً قد بات في مَثوىً
بَعُدَت به الدُّنيا وما بَعُدَا
أين النجوم أصوغ ما أهوى
شعراً كشعرك خالداً أبدَا
لكنَّ حزني لو علمت به
لم يُبقِ لي صبراً ولا جُهدَا
فاعذر إلى يومٍ نفيك به
حقَّ النبوغ ونذكر المجدَا
مراجع: