شعر حب عراقي

by Aliaa 9 Years Ago 👁 4704

الشعر العراقي يتميز بأصالة خاصة، تجمع بين ماضٍ مجيد، وهموم عربية متوالية، لكن ذلك لا يتعارض مع شعر الحب العراقي ذي الحساسية الفائقة، الذي سنعرفك إليه هنا بأبيات لكبار الشعراء العراقيين.

 

المحتويات:

 

شعر حب عراقي لبدر شاكر السياب:

لا تزيديه لوعة فهو يلقاك لينسى لديك بعض اكتئابه...
قربي مقلتيك من وجهه الذاوي تري في الشحوب سر انتحابه... 
و انظري في غصونه صرخة اليأس أشباح غابر من شبابه... 
لهفة تسرق الخطى بين جفنيه و حلم يموت في أهدابه...
و اسمعيه إذا أشتكى ساعة البين و خاف الرحيل يقوم اللقاء...
و احجبي ناظريه، في صدرك المعطار وعن ذاك الرصيف المضاء...
عن شراع يراه في الوهم ينساب و موج يحسه في المساء...
الوداع الحزين!! شذى ذراعيك عليه على الأسى والشقاء...
حدثي حديثه عن ذلك الكوخ وراء النخيل بين الروابي...
حلم أيامه الطوال الكئيبات فلا تحرميه حلم الشباب... 
أوهميه بأنه سوف يلقاك على النهر تحت ستر الضباب...
و أضيئي الشموع في ذلك الكوخ وإن كان كله من سراب...
كلما ضج شاكيا في ذراعيك إنتهاء الهوى صرخت انتهارا...
فارتمي أين يرتمي صدره الجاش حزناً و حيرة و إنتظارا؟
اغضبي و إدفعيه عن صدرك القاسي وأرخي على هواه الستارا
أوصدي الباب خلفه و إتركيه مثلما كان للدجى والصحارى!

 

شعر حب عراقي لنازك الملائكة:

كيف مات المجنون؟ هل سعدت لي     لى؟ سلوا هذه الصحاري الحزينة
اسألوها ما حدّث الريح قيس ال     أمس ليلا وكيف عاش سنينه
ذلك الشاعر الشريد الخياليّ     صديق الظباء في الصحراء
ونجّي الرمال والوحش والبي     د وطيف الشحوب والأدواء
سحق الحبّ قلبه المرهف الغضّ     فعاش الحياة دون مقرّ
فوق تلك الرمال ينشد أشعا     ر هواه لكل هوجاء تسري
راسما فوق صفحة الرمل ما كا     ن من الشوق والأسى والحنين
لاثما كلّ موضع خطرت لي     لى عليه في ماضيات السنين
يوم كانت ترعى الشياه ويرعى     قيس أغنامه فتشدو ويشدو
وتدوّي باللحن تلك الرمال ال     سمر حيث الظباء تلهو وتعدو
يوم كانت يا لهفة الشاعر العا     شق ماذا قد أبقت الأقدار؟
نضبت فرحة الصبا وذوى الوا     دي وجفت في رحبه الأزهار
وتبقّى قبر على قدم التلّ     ذوت تحته معالم ليلى
وحنت فوقه شجيرة ورد     تخذتها الأشلاء في القبر ظلاّ
وتبقّى قيس المعذّب يبكي     ما تبقّى من عمره المصدوم
راقدا عند حافة القبر لا يف     تأ يشكو إلى الصبا والغيوم
يتمنى ليل المنايا ويدعو     ه إليه بأعذب الأسماء
ويغنّي للموت اجمل ألحا     ن هواه تحت الدجى والضياء
ثم جاء الصباح يوما وقيس     في يد الموت ذاهل مصروع
ليس تبكيه غير تنهيدة الري     ح وصوت البوم الكئيب دموع
يا قلوب العشّاق حسبك حّبا     واقبسي من مأساة قيس مثالا
هي هذي الحياة لا تمنح الأح     ياء إلا العذاب والأهوالا
خدعتنا بالحبّ والشوق والذك     رى وما خلفها سوى الأوهام
عالم سافل يضجّ من الإث     م ويحيا بين الهوى والظلام

 

شعر حب عراقي لسعدي يوسف:

-1-

وللحظةٍ غمرتْكَ بالقبلاتِ

ثم نأت متوجةً بخوصٍ أبيضٍ

في أي نهرٍ سوف تنغمس الأناملُ؟

أيّ ماءٍ سوف يبتلّ القميصُ بهِ؟

وأيةُ نخلةٍ ستكون مُتّكأً؟

وهل يَسَّاقطُ الرُطَبُ الجَنِيّ؟

أكان جذعُ النخلةِ المهتزُّ أقصى ما تحاول مريمُ؟

الأشجارُ موسيقى،

وهذي الشقة البيضاءُ في بيروت ما زالت أمام البحرِ

تخفق في البعيد مدينة مائية أخرى

وألمحُ وجه جَدّي: زرقةَ العينين، والكوفية الحمراءَ

ألمحُ في الحواجز وجهَ مريمَ،

في المحاور خطوةَ الملكِ المتوّجِ بالقذيفةِ

يدخل الرومانُ منتظمين كردوساً،

وقوميون يقتتلون في الدكانِ.

مريمُ في مدينتها،

وأنت تراقب الطرقَ البعيدة: هل تجيءُ اليومَ؟

كانت عند مزبلة الرصيفِ

وأوقدتْ نيرانَها،

ومضتْ متوجةً بأدخنةٍ،

تباركت المدينةْ.

لهفي عليكَ وأنتَ مشتعلُ

في الليلِ خلف الساترِ الرملِ

هل كان ينبض دونك الأملُ

أم كان يخفق منتأى الخيلِ؟

كلما جئتُ بيتاً تذكرتُ بيتا

كلما كنتُ حيّاً تناسيتُ ميْتا

غير أن الذي جئتُهُ

غير ان الذي كنتُهُ

لم يعدْ لي

لم يعدْ غيرَ ظِلّ

وليكنْ!

إن ظلاً يصيرْ

خيرُ ما يُرتجى في ظلام المسيرْ

 

- 2 -

لو كنتُ أعرفُ أين مريمُ

لاتَّبعتُ النجمَ نحو بلادها،

لكنّ مريمَ خلّفتني في المتاهة منذُ أن رحلتْ

وقالت: سوف تلقاني إذا أحببتَني.

في الرمل أبحثُ عن أناملها

وفي أطلال "عينِ الحلوةِ" السوداءِ عن عينينِ،

في باب "الوكالة" أسألُ الشبّانَ: هل مرّتْ؟

وبين صحيفةٍ وصحيفةٍ أتسقّطُ الأنباءَ

في المذياع، أمس، سمعتُ صوتاً: صوتَ مريمَ؟

أم تراها تسكن الطلقاتِ

بين الليلكيّ وبين حيّ السلّمِ المنخوبِ؟

بيروتُ التي استندتْ الى أحجارها

فزّتْ كطير البحرِ،

والعشاقُ يمتشقون رشاشاتهم

والبحرُ يهدأُ

ينصتُ الأطفالُ للصوتِ المباغتِ ...

في البعيد حرائق " ،

والطائراتُ تدورُ في أفقٍ رصاصيٍّ

لكِ العشاقُ والطلقاتُ ... مريمُ

تدخلين، إذن ؟

تعالي ...

هذا الفضاءُ نظلُّ نطرقهُ

حتى نرى في الوحشةِ العَلَما

حتى يدور الطيرُ نُطلِقُهُ

نحو النجومِ ليطلق القَسَما

في البراري فلسطينُ، في قبّراتِ المخابئ

في الرصاص الكثيفِ

وفي صيحةِ الراجمةْ

في الأغاني فلسطين، في الخصلة الفاحمة

في قميص الشهيدْ

في حديدٍ يردّ الحديدْ

في يدٍ

في زنادْ

في اقتراب البلادْ

 

-3-

ها نحن، مريمُ، نرسمُ الطرقاتِ في الليلِ الملبّدِ

نرصدُ الطلقاتِ تتبعنا

ونقفز مثل عصفورين مذعورين بين قذيفةٍ وقذيفةٍ

ها نحن، مريمُ، نهبط الدرجاتِ نحو الملجأ الليلي،

نحصي الطائراتِ مغيرةً

ونقولُ: آمَنّا ...

ونمشي،خلسةً، للبحرِ

نجلس خلف أكياس الترابِ

ونرقب الأمواجَ تهدرُ، والشبابَ مقاتلينَ ...

ثيابُهم مخضّرة" كالصخر عند شواطئ المتوسطِ

انتظري قليلاً، كي نقول لهم: سلاماً

كي نباركَ بالدموع سلاحَهم

كي نمسحَ الخصلاتِ بالماءِ القليلِ

ونمضغَ الخبزَ المجفف صامتينَ ...

ومريم، المرآةُ والرؤيا،

بشارةُ أن نموتَ ممجّدينَ

وأن نعيشَ كما يعيش الرفقةُ البسطاءُ

مريمُ تسكنُ الميلادَ

تسكن في الدم العربيّ

نتبعها، وتتبعنا

ولكنا، هنا، في قسوةِ اللحظاتِ

ننسج من عباءتها هويتَنا

وندخلُ في القيامةْ

في الموقع الحجريّ رايتُنا

مغروزة في وقفةِ الزمنِ

سنظل نغرزها ونغرزها

حتى نفجّرَ نبعةَ الوطنِ

وليكنْ ما يكونْ

وليكنْ أن يجيء الجنونْ

وليكنْ ...

إننا القادمونْ

 
 

مراجع:

adab.com

adab.com

adab.com