في عيد ميلاد «جارة القمر» الـ90...فيروز أرزة لبنان ورمز شموخه

by Alaa Hegazy 213 Days Ago 👁 432

يحل علينا ميلاد «جارة القمر» النجمة صاحبة الصوت الملائكي السيدة فيروز (نهاد وديع حداد) في يومها التسعين، الذي تحتفل به في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، حيث ظلت طوال مسيرتها الفنية الطويلة تحافظ على مكانتها في قلوب عشاقها وجمهورها من جميع الأعمار، وحتى بعدما قررت الابتعاد عن الأضواء؛ كانت وما زالت النّجمة الأكثر إلهاماً لدى جمهورها؛ وذلك لتمتعها بموهبة استثنائية لم يأتِ مثلها حتى الآن، وأيضاً كونها خاضت تجارب إنسانية مختلفة جعلتها بمثابة نموذج للتحدي والقدرة على استكمال الحياة رغم صعوبة ما مرت به.. ومن خلال نواعم نستعرض محطات من سيرة أرزة لبنان ورمز شموخه.

 

جارة القمر

تُعَدّ النّجمة فيروز من أشهر فنانات العالم ومن الجيل الذهبي للمسرح والموسيقى في لبنان، ومن أشهر الأصوات العربية، إذ لاقت أعمالها الفنية رواجاً واسعاً في العالم العربي والغربي، كما لقبت في لبنان بـ«العمود السابع لبعلبك»، ويعرفها الجمهور كذلك بلقب «جارة القمر».

 

النشأة والمولد

ولدت السيدة فيروز في عام 1935 في قضاء الشوف بجبل لبنان، وكانت هي الطفلة الأولى للعائلة، ونشأت في حارة زقاق البلاط في الحي القديم القريب من العاصمة اللبنانية بيروت، وعمل والدها في مطبعة الجريدة اللبنانية لوريان لوجور، أمّا والدتها فتوفيت عام 1961 في نفس اليوم الذي سجلت فيه فيروز أغنية «يا جارة الوادي»، وكان عمرها لا يتجاوز 45 عاماً.

أحبت فيروز الغناء منذ صغرها وأظهرت ميولها الفنية في عمر مبكر، ففي إحدى الحفلات المدرسية عام 1947 التقى محمد فليفل بالطفلة الموهوبة التي كانت تدعى وقتها «نهاد»، وكان عمرها وقتها 14 عاماً وأعجب جداً بصوتها، وكان له الفضل لتشارك كمؤدية في كورس الإذاعة، وبعدها انضمت فيروز إلى فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية، وبعد أربع سنوات من الدراسة في المعهد، نجحت أمام لجنة فحص الأصوات المؤلفة من حليم الرومي ونقولا المني وخالد أبو النصر، وكانت النقلة الكبيرة لها عندما قدم لها حليم الرومي ألحاناً لأول أغانيها لاقت صدىً واسعاً في الإذاعات العربية تلك الفترة مثل أغنية «يا حمام يا مروح» وأغنية «بحبك مهما أشوف منك» عام 1952، كما أن حليم هو من أطلق عليها اسم فيروز.

 

الأخوان رحباني

تعرفت فيروز في بداية الخمسينات على الأخوين الرحباني اللذين بدأت معهما مشواراً طويلاً ومثمراً من التعاون الفني تمثل في المئات من الأغاني والعديد من المسرحيات الغنائية التي وصل عددها إلى 800 أغنية وثلاثة أفلام وأربعمائة ألبوم خلال فترة زمنية امتدت لثلاثة عقود، وأبدعت في الموشحات الأندلسية والمواويل والعتابات، وكان قد سطع نجم فيروز ومعها الأخوان رحباني بعد مشاركتهم في مهرجان بعلبك لأول مرة عام 1957، وتوالت بعدها المهرجانات من بعلبك إلى دمشق إلى مسرح البيكاديلي، ليصبحوا من أشهر الأسماء بالوطن العربي والعالم.

 

شاملة ومتنوعة

نجحت فيروز بأنها لم تنحز للون معين من الأغنيات، بل قدمت كل الألوان الغنائية الموجهة لفئات متعددة، سواء الأغاني الموجهة لمن تربطهم علاقات عاطفية أو الأغنيات الموجهة للأطفال، والأخرى الملائمة للمناسبات الوطنية وتعبر عن مدى عشقها للبلاد، وتضامنها أيضاً مع القضايا الوطنية.

 

مرض عاصي وانفصالها عن الفرقة

وتوقف عاصي الرحباني زوج فيروز عن التلحين واعتزل العمل الفني بعد مرضه وهو الذي رافقها في مسيرتها الغنائية منذ بدايتها، ثم حدث الانفصال بين الأخوان الرحباني وفيروز بعد مسيرة عمل مشتركة امتدت لعقود، وأطلقت فيروز أول ألبوم غنائي لها دون الأخوين رحباني عام 1980 وكان بعنوان «دهب أيلول»، وأكملت مسيرتها الفنية مع ابنها زياد الرحباني وأصدرا معاً 6 ألبومات كان آخرها (ببالي) في عام 2017، وتعاونت أيضاً مع ابنتها ريما في أعمال غنائية أخرى وأفلام وثائقية.

 

غنت للحب والأطفال والوطن

وقدمت فيروز المئات من الأغاني للحب، للأطفال، للوطنية، للحزن، الفرح، الأم والوطن، وذلك ضمن عدد من المسرحيات التي ألفها ولحنها الأخوان رحباني وتنوعت مواضيعها بين النقد السياسي والاجتماعي، وتعاونت فيروز مع عدد من الملحنين مثل فيلمون وهبي، محمد عبد الوهاب، إلياس الرحباني، محمد محسن وزكي ناصيف، كما أن لها تأثيراً كبيراً على الشعوب وعلى الموسيقى العربية المعاصرة.

وأحيت العديد من الحفلات في العديد من المدن العربية والأجنبية، وبمناسبة أحد عروضها في المغرب، استقبلها الملك الحسن الثاني ملك المغرب شخصياً في المطار، وخلال حفلها الموسيقي في لاس فيغاس عام 1999، أعلن عمدة المدينة رسمياً يوم 15 مايو (أيار) 1999 يوم فيروز.

 

كيفك اِنت

ومن أشهر الأغنيات التي قَدّمتها فيروز كانت أغنية «كيفك أنت» والكل ربطها بأنّ كلمات الأغنية تجسد حالة حبيبة تغني لحبيبها السابق وتسأله عما إذا كان تزوج بعدما هجرها وسافر خارج البلاد ولكن في الحقيقة أن الأغنية غنتها فيروز لابنها زياد الرحباني

كما ارتبط الأطفال من جميع الأعمار ببعض من أغنيات فيروز، التي حرصت كذلك على تقديم العديد من الأغنيات الموجهة للأطفال والتي حققت نجاحاً بين تلك الفئة وفئة الكبار أيضاً، ومن بين تلك الأغنيات «يا الله تنام » و«شمس الأطفال».

 

إنتاجات وثائقية لمسيرتها

تم إنتاج العديد من الأعمال الوثائقية عن مسيرة فيروز وحياتها، إذ سلطت الضوء على محطاتها الملهمة. ففي عام1971 تم إنتاج وثائقي بعنوان «فيروز في أميركا»، وهي تغطية لأول جولة رئيسية لفيروز في أميركا الشمالية، وفي عام 1998 أنتج وثائقي بعنوان «تاريخ فيروز ولبنان»، يتحدث الفيلم عن طفولة فيروز ونشأتها المتواضعة، والصيف الذي أمضته في قرية جدتها الجبلية، وبدايتها في الإذاعة اللبنانية، والرحلة الطويلة مع عاصي ومنصور الرحباني، والحرب الأهلية وانتهائها، ويحكي الفيلم قصة لبنان من خلال صوت فيروز، وهو جزء من فسيفساء التاريخ اللبناني، والعمل من إخراج فريدريك ميتران.

وفي عام 1999 تم إنتاج وثائقي عن كواليس حفل فيروز التاريخي في لاس فيغاس، ويُظهِر الفيلم مشاهد لفيروز بينما تستعد هي والوفد المرافق لها للحدث الكبير، وتشمل المشاهد التدريبات، وإعداد المسرح، وحفل استقبال خاص لتكريم فيروز، بالإضافة إلى زياراتها إلى مناطق الجذب المحلية والعمل من إخراج ريما الرحباني.

وفي عام 2003 تم إنتاج فيلم وثائقي يظهر سكان بيروت وهم يتحدثون عن حبهم للمغنية فيروز، وفي 2009 أنتج فيلم وثائقي بعنوان «كانت حكاية» من إخراج ريما الرحباني يتحدث عن عاصي وفيروز وقامت بإنتاجه في الذكرى الثالثة والعشرين لوفاة والدها.

 

تكريمات

نالت فيروز العديد من الأوسمة والميداليات، كما كرمها رؤساء الدول والملوك والسياسيون البارزون في عدة مناسبات؛ تقديراً لمسيرتها الفنية المتميزة وعطائها الفني وصوتها الذي أطرب عشاقها، ولم تنته تلك التكريمات حتى بعد تقاعدها واعتزالها الأضواء.

في عام 1957 نالت فيروز وسام الشرف من الرئيس اللبناني كميل شمعون وهو أعلى وسام في لبنان، وفي 1962 نالت وسام الاستحقاق من الرئيس اللبناني فؤاد شهاب، وفي العام التالي نالت ميدالية الكرامة ووسام النهضة الأردني من الدرجة الأولى من الملك الحسين ملك الأردن وأيضاً وسام الأرز أعلى وسام في لبنان من الرئيس اللبناني فؤاد شهاب.

كما نالت وسام قائد الفنون والآداب من الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران،  ووسام جوقة الشرف من الرئيس الفرنسي جاك شيراك. وفي عام 1999 تم إعطاء فيروز مفتاح مدينة لاس فيغاس من عمدة المدينة أفيرتي جونز.

وفي 2020 كرمها أيضاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأرفع وسام فرنسي (وسام جوقة الشرف الفرنسي) عندما زار منزلها. في عام 2015 تحول منزل فيروز الذي نشأت وترعرعت فيه إلى متحف، وتأتي تلك الخطوة بعد سنوات من إدراج المبنى على لائحة الجرد العام للأبنية التراثية.