خلود أسامة كردي هي مصمّمة المجوهرات السعوديّة الّتي لقبت بـ"جوهرة الجزيرة" نسبة إلى وطنها الجزيرة العربيّة. إنّها فنّانة عالميّة استطاعت أن تضع بصمتها في عالم صناعة الذّهب والمجوهرات في وقت قصير من خلال نجاحاتها المتتابعة في العديد من الفعاليات والمسابقات العالمية، كما افتتحت متجراً للمجوهرات الراقية في دبي لتوفير خبرة جديدة للذوّاقة والرّاغبين في تصميم مجوهرات حصريّة وفريدة.
التميز هو أقل معايير النجاح عند جوهرة الجزيرة، فقد تتوّج نجاحها بنيلها جوائز محليّة وعالميّة عدّة، وخطت أولى خطواتها على سلم النّجاح اللامع بإحرازها المركز الأوّل بجدارة في مسابقة تصميم المجوهرات العالميّة عام 2009، ولكن أهم لقب تعتزّ به خلود هو أفضل مصمّمة مجوهرات عربيّة لثلاث سنوات على التوالي 2010- 2011- 2012، والذي حصلت عليه من أكبر جهة داعمة لمجال المجوهرات من خلال حفل توزيع جوائز الشّرق الأوسط للمجوهرات والسّاعات، كما حصلت على لقب امرأة مجوهرات العام 2010 لما أحرزته من فرق في عالم تصميم المجوهرات وتطويع مجالات الثقافة العربيّة لتصيغ قطعاً فنيّة استطاعت أن تجذب أنظار الغرب والشّرق على حد سواء، إضافة إلى لقب المرأة العربيّة الأكثر تماشياً مع موضة العصر للعام 2012 من مجلة L’Officiel.
وما زالت جوهرة الجزيرة تنتقّل بخطى ثابتة واثقة نحو النّجاح والتّميز آملة بأن تطبع بصمتها على جبين تاريخ هذه الصناعة البراقة.
كيف بدأت خلود الكردي مشوارها في عالم المجوهرات؟ وكيف وصلت إلى هذا الموقع الفني المميّز؟
بدايتي كانت مع الفن والتّصميم بصفة عامّة، فقد كنت دائماً مولعة بابتكار كل ماهو جديد، وتخصّصت في إدارة فنّ التّصميم بجميع أبعاده في الولايات المتّحدة الأميركيّة، وبعدها دخلت عالم تصميم الجواهر منذ حوالى سّنتين، ولكن كان مجال عملي قبل ذلك في الأحجار الملوّنة والألماس من خلال عملي مديرة لتطوير الأعمال لمنطقة الخليج في بورصة دبي للألماس.
ومع العمل الدؤوب والاطلاع المتواصل على المستجدات في صناعة المجوهرات والوجود المستمر في الفعاليات الدّاعمة لهذا المجال استطعت أن أحقق التميز في عالم تصميم المجوهرات محلياً وأطمح إلى العالمية.
لم الألماس والأحجار الكريمة هي المواد الخام التي تصيغين منها تصاميمك؟
الألماس والذّهب والأحجار الكريمة هي ما يشدّني ويدفعني لابتكار القطع المتميّزة. وأنا قرّرت أن يقترن اسمي بهذه المواد ونلت لقب "جوهرة الجزيرة" والمقصود بها طبعاً بلدي المملكة العربيّة السّعودية. ولقّبت بهذا الاسم في كتاب المجوهرات الوحيد الصّادر باللغة العربيّة "الجواهر العربيّة" والذي يضمّ تاريخ المجوهرات العربيّة والحضارات القديمة في المنطقة، وكان لي عظيم الفخر أنّ أكون الخليجيّة الوحيدة المذكورة في الجزء الأوّل من الكتاب، إذ سلّط الضوء على تصميماتي، إضافة إلى علامتي التجارية "توجور للمجوهرات" الكائنة في سوق ذهب دبي مول.
هل اختيارك للألماس مقدمة وإشارة إلى رقي التصميم، بمعنى أن تصاميم خلود الكردي تحمل تلك البصمات الغالية والراقية؟
هذا بالتأكيد ما أحرص دائماً على تقديمه وأحاول دائماً إبراز الأحجار من خلال التّصاميم الرّاقية بحيث لا يطغى التصميم على جمال الحجر بل على العكس فإنه يبرز جماله وتفرّده. فأنا مولعة بأحجار الزمرّد والياقوت وأحاول تقديم الجديد في تصميماتي من خلال استعمال أكثر من طريقة في ارتداء القطعة الواحدة، والتصميم الجميل لا يعني بالضرورة أن يكون غالي الثّمن الذي يعتمد بشكل رئيسي على نوعية المواد المستعملة.
ما هي الإنجازات التي حقّقتها في مسيرتك، وما هي المعارض التي اشتركت بها؟
حقّقت بعض الإنجازات عام 2009: أسّست متجراً للمجوهرات التي تتمتّع بتصاميم فريدة في دبي مول، وتمكّنت عن جدارة من الحصول على شهادة "مصمّم مجوهرات محترف" من المعهد الأميركي للأحجار الكريمة، وهو أكبر معهد متخصّص في المجوهرات.
وفي العام نفسه تمكّنت من احتلال المركز الأوّل في مسابقة تصميم المجوهرات العالميّة التي أقيمت في مركز التجارة العالمي، وبعدها شاركت في الحدث الخيري الذي نظّمته "أمفار" الذي أقيم برعاية كريمة من سمو الأميرة هيا بنت الحسين، حيث تبرعت بقلادة فريدة من الماس من تصميمي لتعرض في المزاد الخاصّ بالحدث الخيري، وبيعت بأعلى سعر ضمن المزاد حيث وصل إلى 110 آلاف دولار أميركي، وأنا استلهمتها عند التّصميم من قصيدة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وفي عام 2010 شاركت وحدي من منطقة الخليج مع 30 مصمماً عالمياً اختارتهم مؤسسة إيكو آرت العالميّة ومؤسسة الأمير ألبير الثاني لمعرض المجوهرات المتجوّل "بيجو 2010"، عرضت خلاله قطع المجوهرات ضمن حفل خيري في جزيرة نوراي الساحرة في أبو ظبي.
إلى أي حدّ تعشقين الشّعر أو تمتلكين فيه هذا الحس العالي لتتمكني من تطويعه وتجسيده في قطعة مجوهرات؟
لطالما أحببت الكتابة والشّعر بصفة عامّة وعند تطويع الكلمات لتصميم قطعة مجوهرات يجب أن أحب الكلمات أولاً وأشعر بتفاصيل المعاني ومن ثمّ أحاول وصف الإحساس الذي أشعر به عند قراءة الكلمات وترجمته إلى صياغة ذهبيّة مرصّعة بالأحجار. فقطعة "صقر زايد" على سبيل المثال جمعت الكلمات وصاغت شكل الصقر العربي المفضّل عند الشيخ زايد رحمه الله.
كيف تختارين الأحجار الكريمة، لونها، حجمها، ولماذا؟
أحرص دائماً على انتقاء أفضل الأحجار من حيث اللون ودرجة النقاء والقطع والحجم، فهذه المعايير الأربعة هي الأسس العلميّة الرّئيسيّة التي تقوم عليها عملية انتقاء الأحجار، فإذا كان التّصميم جيداً وزيّن بأحجار غير جيّدة فسيفقد جماله وروعة تكوينه. ولهذا السبب أحرص على تتويج تصاميمي بأفضل الأحجار، وأحصل على الألماس من بلجيكا وروسيا والهند. أما الأحجار الكريمة فأنتقي الأفضل من كولومبيا وبورما وكشمير.
انتقالك من بورصة الألماس إلى العمل الحر، قرار جريء يتطّلب فهماً مسبقاً بالسوق وبالذائقة عند النساء، لنتحدث عن هذا القرار وعن مردوده؟
كما سبق وقلت التّصميم هو شغفي منذ الصغر، ولم أشعر بأنّ قراري للتوجه إلى العمل الحرّ جريء بل كان أشبه بالعودة إلى عمل ما أحب.
ما هي معطيات حصولك على شهادة" محترف مجوهرات" من أكبر معاهد لوس أنجلس؟
دراستي الجامعيّة كانت في إدارة فنّ التّصميم بجميع أبعاده في الولايات المتّحدة الأميركية، ودرست بعدها فنّ تصميم المجوهرات لأحصل على شهادة "محترف مجوهرات معتمد" من المعهد الأميركي للأحجار، وكذلك حصلت على شهادات عديدة في تقييم الألماس والأحجار الكريمة.
والتصميم عبارة عن دمج الأفكار والذوق مع العلم، فتصميم المجوهرات يعتمد على العلم بالأحجار، فبعض الأحجار مثلاً تحتاج إلى مزيد من الدّعم بالذهب لتثبيتها عن غيرها، ويجب على المصمم أنّ يكون على علم بذلك ليبدأ بتصميم أي قطعة.
لنتحدث عن تجربتك في المزاد العالمي في جزيرة نوراي؟ ما هي الأسس التي اخترت على أساسها من بين 30 مصممة في العالم للمشاركة في المزاد العالمي؟
منظمة "ايكو ارت" هي جمعيّة خيريّة تنظّم فعاليّات لجمع التّبرعات عن طريق الفنّ. واخترت ضمن مصممين عالميين وكان لي الفخر في تصنيفي ضمن هذه الفئة، وزادني فخراً أن أكون المصمّمة الخليجيّة الوحيدة المختارة لهذا المهرجان اللامع، فالأسس التي تمّ الاختيار بناء عليها تتضمّن جمال التّصاميم وتاريخ المصمّم والمهرجانات أو الفعاليات الخيريّة التي سبق له الاشتراك بها.