عندما يبكي الطفل كثيراً و بطريقة متصاعدة، لا بد من أن تسمعي من يقول لك "هل أنت متأكدة أن حليبك كافٍ؟" أو "ربما حليبك لا يشبع"، و لكن الثانية ليست صحيحة حتى على الرغم من انها كانت معتقداً شائعاً في جيل والدتك.
الأمر فقط و ببساطة أن طفلك لا يزال جائعاً: فمن الطبيعي أن الطفل الذي يتغذى من الرضاعة الطبيعية فقط بحاجة الرضاعة كل ساعتين، أي ساعتين من بداية الرضاعة السابقة، الى بداية الثانية، و ليس ساعتين بين الرضعتين كاملتين. في أول أسابيعه، تكون معدة طفلك بحجم طابة بينغ بونغ، لهذا السبب، لن يتمكن من الاحتفاظ بالطعام لوقت طويل ليلاً أو نهاراً.
ينظم الطفل كمّية الحليب و تكوينه من خلال عملية المص، و ستتغير مع كبره (إذ إن معدته ستزداد حجماً و تحتمل أكثر، و تطلب كمّية أكبر من الحليب). لهذا السبب، إذا تلقيت نصيحة من أحدهم بجدولة رضعات طفلك، فقد يسبّب لك هذا الأمر بكاءً غير ضروري من طفلك. و من هنا، قد يساعدك أن تتوصلي الى تحديد مؤشرات جوع طفلك (الارتباك، الشخير، و التشبث بالثدي) لتفادي بكائه الناتج عن الجوع (إذ إنه المؤشر الأخير على جوع الطفل).

هل هو في مرحلة نموّ سريع؟

من الضروري أيضاً أن نتذكر أن مراحل النمو السريعة هي أمر شائع في الأسابيع الستة الأولى و الشهر الثالث، و لكنها ممكنة في أي وقت و يمكن أن تسبّب لطفلك ازدياداً في الشهية، ما قد يسبّب بعض البكاء إن لم يشعر بالشبع، سواء كان يتغذى من الثدي أو من الزجاجة، إذ إن أغلب الأطفال يتضاعف وزنهم عند الولادة عندما يصلون الى الشهر الخامس أو السادس، و يصل الى ثلاثة أضعاف عند بلوغه السنة. إذاً، إن كان طفلك يمر بمرحلة نمو سريعة، لا يكون بكاؤه لأنك لا تملكين كمية كافية من الحليب، بل إن طفلك يجب أن يفعّل عملية مص الثدي لعدة أيام، ليرسل لثديك بأن عليه أن يفبرك المزيد من الحليب. و إذا كنت تقدمين لطفلك الحليب الصناعي في زجاجة فلا داعي لاستمالة ثديك.

هل هو جائع أم فقط يشعر بالعطش؟

سواء كان يبكي لأنه جائع أو لأنه ببساطة يشعر بالعطش، سيكون طفلك قادراً على تنظيم نوع الحليب الذي يريده، إذا سمحت له بتحديد مساره. تتغيّر تركيبة الحليب من خلال نمط الرضاعة. الحليب الأول عادة يكون  رقيقاً، وسيروي عطش طفلك، الذي سيطلب منه رضعات متكررة و قصيرة في أيام الحر. و مع تقدم الرضاعة و استمرارها، سيزداد الدهن الموجود في الحليب. كما أن الجوع سيتم إشباعه من خلال فترة مص أطول، و يحصل الطفل على الحليب السميك و المليء بالدهن.

انظري الى طفلك لا الى الساعة

إن محاولتك فرض جدول صارم للرضاعة، بدلاً من مراقبة مؤشرات طفلك في الرضاعة، لن تسبّب فقط المزيد من البكاء، بل ستكون خطراً على صحته. فحين تقارنين حاجات طفلك بحاجات شخص بالغ، من السهل أن تفهمي أن محاولة توقعك لطفل أن يأكل وفقاً لنظام صارم، بتوقيت و قدر محدّدين، لن تكون فقط غير واقعية و قاسية، بل قد تؤدّي الى انهيار. فكري: كم مرة تأكلين و تشربين و تتناولين الوجبات الخفيفة كمعدل في اليوم؟ هل كنت تعرفين أنك ستحتسين كوب قهوة عند الساعة الرابعة مثلاً؟ هل أخبرت يوماً صديقاتك أنك لا تستطيعين الخروج معهن لتناول الغداء لأن الموعد لا يتطابق و الجدول الذي وضعته لوجباتك؟ إذا كنا كأشخاص بالغين نأكل و نشرب وفقاً لمؤشرات أجسادنا، فماذا عن الأطفال؟ في الحقيقة، فإن حاجة طفلك للرضاعة ستكون من 8 الى 10 مرات في اليوم، و إذا كان في مرحلة نموّ سريعة، فستكون من 12 الى 14 مرة.
و إذا سرت خلف حاجات طفلك، فسيفبرك ثديك الحليب وفقاً لحاجته المتزايدة له سواء كان لمرحلة نمو سريعة أو لأي سبب آخر، و تذكري دائماً أنه كلما ازداد طفلك في المص، ازداد انتاج ثديك للحليب.