ليلة القدر، هي إحدى ليالي شهر رمضان وأعظمها قدرًا، حيث ورد في القرآن أنها خير من ألف شهر، وأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن. وتفسير هذا كما ورد في بعض الروايات عن عبد الله بن عباس أنها الليلة التي أمر الله فيها جبريل بإنزال القرآن من اللوح المحفوظ إلى مكان في سماء الدنيا يسمّى "بيت العزة، ثم من بيت العزة صار ينزل به جبريل على محمد متفرقًا على حسب الأسباب والحوادث. فأول ما نزل منه كان في تلك الليلة نزلت أول خمس آيات من سورة العلق.
يؤمن المسلمون بأن الله عظم أمرَ ليلة القدر فقال {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} أي إنّ لليلة القدر شأنًا عظيمًا، وبيّن أنها خير من ألف شهر فقال: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي إنّ العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله خيرًا من العمل في ألف شهر. ومن حصل له رؤية شيء من علامات ليلة القدر يقظة فقد حصل له رؤيتها، ومن أكثر علاماتها لا يظهر إلا بعد أن تمضي، مثل: أن تظهر الشمس صبيحتها لا شعاع لها، أو حمراء، أو أن ليلتها تكون معتدلة ليست باردة ولا حارة، ومن اجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها فضل ثواب العبادة تلك الليلة، قال رسول الله: "من قامَ ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه" رواه البخاريّ.
لماذا سُمّيت ليلة القدر؟
سُمّيت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما نقول فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف، كما أنه يقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
وقيل لأن للعبادة فيها قدرًا عظيمًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه"، متفق عليه.
علامات ليلة القدر:
قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحسّ بها إلا من كان في البر بعيدًا عن الأنوار.
- الطمأنينة، أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر مما يجده في بقية الليالي.
- أن الرياح تكون فيها ساكنة، أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو لطيفًا.
- أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .
- أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي.
فضل ليلة القدر:
- أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، قال تعالى "إنا أنزلناه في ليلة القدر".
- أنها ليلة مباركة قال تعالى "إنا أنزلناه في ليلة مباركة".
- يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى "فيها يُفرَقُ كلُّ أمرٍ حكيم".
- فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال تعالى "ليلة القدر خيرٌ من ألفِ شهر".
- تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى "تَنَزَّلُ الملائكةُ والروحُ فيها بإذنِ ربِّهم من كلّ أمر".
- ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها، قال تعالى" سلامٌ هي حتى مطلع الفجر".
- فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه" متفق عليه.
ويقول الشيخ علي جمعة إن علامات ليلة القدر لا تظهر إلا بعد أن تمضي منها وهي:
أن الشمس تطلع في صبيحتها إشعاع لها، أي صافية. لرواية ابن عباس رضي الله عنهما "ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة، وأن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى. يقبل الله التوبة فيها من كل تائب، وتفتح فيها أبواب السماء. وهي من غروب الشمس إلى طلوعها".
كذلك هي ليلة تتضح كواكبها ولا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها.
ما الدعاء المستحب قوله في ليلة القدر؟
الدعاء مطلوب في ليلة القدر على العموم بخير الدنيا والآخرة، والدعاء المستحب هو: "اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عنّي". لحديث أمّنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "يا رسول الله أرأيت إذا وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ قال: تقولين: اللهم إنك عفوّ تحب العفو فاعفُ عنّي".