الشاعرة الكويتية سعدية مفرح: في كلماتي أجمع بين الطفلة المنطلقة والمرأة الحزينة

الشاعرة الكويتية سعدية مفرح: في كلماتي أجمع بين الطفلة المنطلقة والمرأة الحزينة

Nawa3em by 12 Years Ago

"أحيانًا أشعر أنني مجرد حلم وأن أحدًا ما في هذا الوجود يسعى لتحقيقي وأنّه لم ينجح حتى الآن".
"تغيب... فأُسْرجُ خيل ظنوني".
"أريد حكاية قديمة بنهاية سعيدة أحكيها للصغار، وأشير لصور أبطالها في ألبوم العائلة".
"أريد أن أصرخ كل صرختي  من دون أن أنتظر سؤالاً ما".
يقول: افتقدتكِ كثيراً أثناء غيابك، وأقول: أنا لم أفتقدك أبداً، فلم تغادرني ولم أغادرك، كنت تتمشى بين أوردتي وتستريح في وجداني".

إنها حفنة من الكلمات الرقيقة والمعبّرة التي تكتبها الشاعرة والناقدة الكويتية سعدية مفرح، التي تعمل في جريدة القبس الكويتية وتكتب في مجلات ومطبوعات أخرى.

التقتها "نواعم" وكان معها الحوار المفعم بالشعر والإحساس، وتحدثنا عن حال الشعر والمرأة وغيرهما من المواضيع. 

صدر لك  حتى الآن ستة دواوين شعرية وعدة كتب نقدية ومختارات، وديوان شعر للأطفال بعنوان "النخل والبيوت"، برأيك، هل نستطيع جذب جيل التكنولوجيا ذات التطور المتلاحق لتذوّق الشعر والتأثر به؟
نعم، وهذا هو ما يحدث فعلاً حالياً، أنا أرصد إقبالاً لا بأس به من الشباب ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على قراءة الكتب عموماً، سواء أكانت كتب الشعر أم الرواية وتداول أخبارها في ما بينهم، وبعض الشباب ناشط في تنظيم مجموعات للقراءة ومراجعة الكتب وغيرها من الانشطة التي تتعلق بالقراءة.
ثم إن الشعر خاصةً أصبح من السهل جداً تداوله عبر هذه المواقع التواصلية الجديدة وحتى عبر الهاتف. وأنا من المشجعين دائماً لاستغلال هذه التكنولوجيا لخدمة الثقافة والكتب، مع أنني ألاحظ الكثير من المثقفين والأدباء الكبار يتخوفون من استخدامها والكثير منهم يشيحون عنها بأنظارهم واهتمامهم، ربما لأنهم لا يعرفون إمكانياتها وما يمكن أن تقدمه الآن وفي المستقبل أيضاً.

عندما حاولت جمع المزيد من المعلومات عن شخصك الكريم، لفتني تلقيبك بشاعرة الكويتيين البدون، كيف ترين هذا التوصيف؟
لا أحب الألقاب عموماً، وأرى فيها تحجيماً للشاعر وتصنيفاً له، وأنا ضد التحجيم والتوصيف المبني على ذلك التصنيف. أنا فعلاً "بدون جنسية" لكنني كويتية على الرغم من عدم امتلاكي وثيقة الجنسية، وطبعاً إن من يلقبني بهذا اللقب يقوم بذلك عن حسن نيّة، وباعتزاز أشكره كثيراً عليه، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن كل من يضع ثقته بي، أنا لست الشاعرة الكويتية الوحيدة التي توصف بهذه الصفة أو تعاني من كونها من دون جنسية، وكثيرون غيري يعانون من الظلم والإجحاف بحقهم.

"انتحار الأوتاد في اغتراب سعدية مفرح" كتاب للناقدة العمانية سعيدة الفارسي، من أين تولدت حالة الاغتراب سيدتي؟
أرى أن كل إنسان يعيش نسبة من الاغتراب ليس على صعيد المكان وحسب بل أيضاً على صعيد الذات وما يحيطها. والاغتراب الذي رصدته الناقدة الدكتورة سعيدة الفارسي في قصائدي هو اغتراب نفسي أو ذاتي أكثر منه اغتراباً مكانياً مع أنني أشعر بالاغتراب المكاني أيضاً. وغالباً ينمو الشعر في أجواء اغترابية نفسية يعيشها الشاعر ويحاول أن يعبّر عنها من خلال الكلمات. لكنني لا أحب أن تكون قصيدتي هي قصيدة الغربة أو الاغتراب فحسب، وطبعاً هذا الأمر ليس بيدي فمحتوى القصيدة لا يمكن التنبؤ به حتى من قبل الشاعر نفسه، وبالتالي لا يمكنه أن يتحكم في مسارها أو أن يختار الأجواء التي تنداح فيها ولا الفضاءات التي يمكن أن تسبح في آفاقها.

على الرغم من نجاح أمسياتك الشعرية، توقفتِ عن المشاركة فيها، فما السر وراء ذلك؟
لم أتوقف نهائياً، توقفت لمدة عشر سنوات تقريباً ثم عدت ولكني ما زلت مقلة جداً. والسبب في ذلك يعود أولاً إلى عدم إعجابي بشكل الأمسيات الشعرية التقليدية التي اعتدنا عليها لسنوات طويلة، فأنا أرى أنها لا تناسب قصيدة النثر تحديداً، وأنادي بالتفكير في أشكال جديدة للأمسيات الشعرية، حيث يمكن أن يتواصل الشاعر مع المتلقي بطريقة أفضل من طريقة المنصة والميكروفون فقط.

يقول توفيق الحكيم: لا شيء يجعلنا عظماء إلا ألم عظيم، إلى أيّ مدى تتفقين مع هذه المقولة؟
لا، ليس كل الذين يعانون من الآلام هم من العظماء، ولا كل العظماء ينبغي عليهم أن يعانوا الآلام. أنا بطبيعتي إنسانة متفائلة، ولذلك أقول إن الفرح أيضاً يمكن أن ينتج أدباً عظيماً على سبيل المثال، الموهبة وحدها هي المعيار الأول والأساسي، مع أنني أوافق على القول بأن الألم يصهر الإبداع ويصفّيه ويصقله أيضاً، لكن يجب أن يكون الإبداع موجوداً أصلاً قبل كل ذلك.

دائماً للمبدع هاجس يؤرقه ويدفعه للإبداع، ما هو هاجس الشاعرة سعدية مفرح الذي يدفعها لترك كل شيء والتفرّغ لكتابة قصيدة؟
أتشارك بهواجسي مع البشر في كل مكان وزمان بالتأكيد، ولكن أيضاً لي هواجسي الخاصة التي أعالج تبعاتها القاسية أحياناً بالكتابة، وهواجسي متحركة وغير ثابتة، فما يهمّني اليوم قد يتطور لاحقاً وقد أستبدله بهم جديد وهكذا، لكنني أبداً لا أتوقف عند محطات الألم وأحاول تجاوزها بقدر المستطاع وبأقل الخسائر الممكنة، أتحايل عليها أحياناً، وأتجاهلها أحياناً أخرى حتى أكون مستعدة لها عندما تباغتني.

من كلماتك "أريد كرة أرضية، أرسم خريطتها، وفقاً لتضاريس وجهي"، لو أوتيت المقدرة على تغيير شيء ما في عالمنا، ماذا ستغيّرين؟
أغيّره كله تماماً. لست واثقة من قدرتي على فعل شيء محدد، لكنني لو استطعت لجعلت الأمل هو عاصمة الحياة الأبدية.

ما رأيك بعودة الاهتمام بالشعر العربي من جديد متمثلاً في برامج تلفزيونية عدة لاكتشاف الشعراء الجدد؟
ولمَ لا؟ إنه توجّه جيد، على الأقل هذا يسهم في جعل القصيدة أحد تفاصيل الحياة اليومية الحاضرة في وجداننا بدلاً من حصرها في الكتب فقط، نعم علينا تكثيف مثل هذه البرامج، ولست خائفة من أنها قد تسهم أحياناً في تكريس السيئ من الشعر، فهذا يحدث قليلاً ومؤقتاً، لأن الجيد يفرض نفسه، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.

من كلماتك "أريد مظلة مزينة بقرنفلة وكتاباً مفتوحاً على الفهرس وأصابع تجيد نقر لوحة المفاتيح"، في شعرك ألحظ أحياناً طفولة وانطلاقاً محبّبين، وأحياناً أخرى امرأة يلفها حزن عميق، متى تكونين هذه وتلك؟
لا أدري متى بالضبط، لكنني أنا فعلاً هذه وأنا ايضاً تلك. وأنا أكثر من مجرد هذه وتلك. أشعر أحياناً أنني نساء كثيرات في امرأة واحدة. لكن أجمل ما في الأمر أن هؤلاء النساء اللواتي يتزاحمن في داخلي لا يتخاصمن إلا قليلاً، فهنّ صديقات على الرغم من اختلافهن، وكلهن محبات للأمل حتى وإن اختلفت طرقهن في الوصول إليه والعيش فيه.

أخيراً، هل من قصائد جديدة فى الطريق؟
نعم، لديّ مجموعة جديدة لم تكتمل بعد، وأنا متريثة جداً في إكمالها ونشرها، أحب القصيدة وهي تمشي على مهل كإوزة برية شجاعة.

 

إضافة التعليقات

.