منذ بداية القرن الحالي ارتبط الفيديوكليب بالترويج للأعمال الفنيّة، فظاهرة الكليبات التي اجتاحت العالم العربي منذ عام 1992 حفلت بالعديد من الأعمال الناجحة التي تستحق التوقف عندها، وكليبات أخرى مرّت مرور الكرام، لكنّها في كل الأحوال أسهمت في شهرة أو انتشار الأغنية وتعزيز مكانتها عند المعجبين الذين اصبحوا مقياساً لكل نجاح.
وفيما غزت الشاشات البديلة عبر الإنترنت بعد عصر التلفزيون الذهبي أو أصبحت تنافسه بقوة، بات الفنان يحسب ألف حساب للأرقام التي دخلت وشاهدت أعماله الفنيّة ويتفاخر بها عبر صفحات التواصل المباشرة مع جمهوره.
لكن ماذا قدّم المخرجون أو النجوم خلال السنتين المنصرمة من قصص تستحق التوقف عندها، فلو أخذنا مثلاً إليسا التي اعتمدت لسنوات على قصص العشق والغرام في جميع كليباتها نجدها اليوم غيّرت في نمط أغنياتها بعد كليبها الأخير الذي يُعدّ قصّة كاملة لامرأة أو فنانة تعاني العنف من الرجل، ويقول المخرج سليم الترك لنواعم: "حاولنا إقناع إليسا بضروة الخروج من عباءة العشق إلى الإحساس الأقوى"، ويذهب سليم الترك بأنه يفتخر بإقناع إليسا لدخولها عالم التمثيل ولو بصورة تعتبر خجولة لأن كليب "تعبت منك" برأي سليم الترك هو فيلم مصغّر لو غابت عنه الأغنية.
أما الفنانة هيفا وهبي فابتعدت تلقائياً عن البطل أو الحبيب في عدد كبير من أغنياتها المصوّرة، واستطاعت بذلك أن تحيد عن الخط التقليدي للكليبات فاعتمدت على المغامرات في كليبها الأخير "إزاي أنساك" مع آنجي جمّال. "المرأة القطة" ابتعدت قليلاً عن إظهار وجه المرأة الجميلة وارتضت بتصوير مشوّق، وكذلك فعلت مايا دياب مع فارق بسيط وهو تجسيد دور المرأة المعنّفة في كليب "شكلك ما بتعرف" مع سعيد الماروق، فلم نرَ مايا التي تضجّ أنوثة بل امرأة المغامرات والتشويق.
وفي وقت تحاول نجوى كرم في أغنياتها المصوّرة الابتعاد عن الرجل أو البطل، بدا ذلك واضحاً بعدما حاولت إظهاره في كليبين يبتعدان بالتاريخ وهما "لشحد حبك" و"يخليلي قلبك"، فربما ملّت نجوى كرم من صورة العاشق ليحقق العملان صدىً إيجابياً عند جمهورها، فالجمال المتعمّد في التصوير والذهاب إلى حالات العشق والبحث عن الحبيب لهما وقع آخر على المشاهد، خصوصاً أن تركيز نجوى كرم والمخرج فادي حدّاد كان على الإبهار بالأزياء والألوان التي ارتدتها في الكليب، فالذهبي مثلاً والأحمر كانا بمثابة جذب للمشاهد لمتابعة هذا الكليب، ومن دون أدنى شك جاءت كاميرا حدّاد لتكمّل ذلك الإبهار وهو ما دفع نجوى كرم لعودة التعامل معه.
هكذا فعلت أيضاً النجمة نوال الزغبي في كليبها الأخير "غريبة هالدنيي" فطلّقت الحبيب المفترض وذهبت نحو الإبهار في الأزياء والصور وحتى الفرقة الراقصة التي شاركت في الكليب، بعيداً عن رومانسية نوال المتعارف عليها في كثير من الأعمال المصوّرة وأبطال هذه الأغنيات الذين كانوا يسهمون إلى حد ما في نجاح الكليب.
فهل غاب فارس الأحلام عن الكليبات؟ وماذا تخبّئ تقنية الأغنيات المصوّرة للمستقبل؟