الفرق بين الحياء والخجل
يختلط على الكثير من الناس الفرق بين مفهوم الحياء والخجل، فلا يستطيعون التفرقة بينهما بسهولة. إلا أنه يمكن القول ان الخجل خلق مكروه لدى البعض، اذ انه يمنع صاحبه من الاقدام على بعض السلوكيات أو الرد في بعض المواقف التي تستلزم ردا معينا، ويؤدي إلى جعل الانسان سلبيا لا يحرك ساكنا في بعض المواقف.
أما الحياء فهو سلوك تربوي يقوم على أساس بعض السلوكيات التي يتعلمها الشخص خلال فترة الطفولة، مثل عدم رفع الصوت عاليا أثناء الحديث، واحترام دور الكبير فى الحوار.
يمكننا التفرقة أكثر بين الحياء والخجل خلال السطور التالية التي نحاول فيها القاء الضوء على هذين المفهومين.
الفرق بين الحياء والخجل في الاسلام
الحياء خُلق يساعد صاحبه على التمنع عن كل سلوك قبيح والامتناع عن التقصير في حقّ الآخرين، والحياء احدى صفات الأنبياء، فقد قال أبو سعيدٍ الخدري عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- انّه كان أشدَّ حياءً من العذراءِ في خِدرِها، وكان إذا كرِه شيئاً عُرِف في وجهِه، وذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع منها: في رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه - عن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: الإيمانُ بضعٌ وستّون أو بِضعٌ وسبعون شعبةً؛ أفضلُها لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريقِ، والحياءُ شُعبةٌ من الإيمانِ، وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم أيضا: إنَّ ربَّكم حَيِيٌّ كريمٌ، يستَحي مِن عبدِهِ إذا رفعَ يدَيهِ إليهِ بدعوَة أن يرُدَّهُما صِفراً، ليسَ فيهما شيءٌ.
وفي حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم يذكر لنا أهمية الحياء في سلوك المسلم وأنه خطوة كبيرة للوصول إلى باقي شعب الإيمان، وأنه له فضل كبير في التحلّي بالأخلاق الحميدة، والتعمُّق أكثر في الطاعات، خاصة وأنه صفةٌ من صفات الملائكة، كما جاء في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها حيث قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ألا أَستَحي من رجلٍ تستَحي منه الملائكةُ؟ وكان يعني بذلك سيدنا عثمانَ بن عفان.
وفي موطن آخر يذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن الحياء أحد مفاتيح الجنة، حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: الحياءُ من الإيمانِ، والإيمانُ في الجنَّةِ، والبذاءُ من الجفاءِ، والجفاءُ في النَّارِ، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما كانَ الفحشُ في شيءٍ إلَّا شانَه، وما كانَ الحياءُ في شيءٍ إلَّا زانَه.
بينما الخجل هو التحير والدهش والاسترخاء، وهو من الذلِّ وسوء التربية في الصغر، ويكون مذموما إذا كان يمنع صاحبه مما ينفعه في دينه ودنياه، أو يحمله على فعل ما لا ينبغي.
ولا يقال عن الخجل إنه حرام، لأنه طبيعة جبل عليها الشخص، فإذا أدى بصاحبه إلى التقصير في واجب أو الوقوع في محرم كان تقصيره في الواجب أو وقوعه في الحرام حراما.
الفرق بين الحياء والخجل في علم النفس
يفرق علماء النفس بين الحياء والخجل بأكثر من شكل وتفسير، حيث يتم تفسير الحياء بالفِطرة: وهو سلوك فطري يظهر على الإنسان منذ ولادته، وهو أن يكون الانسان مفطوراً على الامتناع عن ارتكاب أيّ خلقيات سيئة ويمنع نفسه عن التحلي بها.
ليس الحياء بالفطرة فقط، بل هناك الحياء المكتسب، الذي يتمّ اكتسابه عن طريق القراءة أكثر في الدين والتقرب من الله عزّ وجلّ، وهنا يصل الشخص إلى هذا النوع من الحياء من خلال الإيمان بالله عزّ وجلّ.
بينما الخجل هو إحدى الصفات التي توقِع الإنسان في الخطأ، يترتب عليها تقصير الشخص في أداء واجباته، ويعيق الإنسان من الوصول إلى أيّ خطوة ينتفع بها في دينه أو دنياه، وهو صفة يتحلى بها الشخص منذ صِغره من التربية، نتيجة لوجود نقصٍ في المهارات الاجتماعيّة، أو الإصابة بإعاقة جسديّة، أو نتيجة لخوف الوالدَين على أطفالهم خاصة الأم، أو معاناة الأسرة من مشاكل ماديّة.
الفرق بين الحياء المحمود والخجل المذموم
هناك فرق كبير أوضحه الخبراء المختصون بين الحياء المحمود والخجل المذموم، وفي ما يلي سيتم توضيح الفرق. الحياء المحمود والممدوح وهو المراد في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المادحة له، وهو ما يمنع النفس من فعل القبيح والتقصير في حق ذي الحق، وهذا النوع من الحياء من خصائص الإنسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي مما لا يليق فلا يكون كالبهيمة.
بينما الحياء المذموم ليس ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا النوع من الحياء مذموم شرعاً لأنه يحول بين المرء وبين قول الحق وفعل الخير، فقد يصده عن طلب العلم الواجب ويجر صاحبه إلى فعل المحرمات والوقوع في الكذب ويجر إلى ترك الواجبات والفرائض، فهو تلبيس من الشيطان وليس بحياء في الحقيقة.
وهو أن يتحرج الإنسان فيه من فعل الخير والدعوة إلى الله وطلب العلم والتفقه في الدين، أو ينشأ عنه إخلال ببعض الحقوق والواجبات الشرعية، فلا يصح الحياء في طلب العلم ولا في السؤال عما لا يعلم الإنسان أو في ما يشكل عليه في أمر دينه.