متى يجب الطلاق
الطّلاق وسيلة أخيرة نلجأ اليها إذا تعذّرت الوسائل الأخرى وكان لا بدّ منها، ويكون الطلاق واجباً حينما يشعر الزوج باستحالة استمرار العلاقة مع زوجته، أو يرى منها أمراً لا يحتمل سوى هذه الوسيلة؛ مثل معاداة الدّين أو كره شعائره، أو الإتيان بالكبائر والإصرار عليها، أو التّقصير في تربية الأبناء ورعاية البيت تقصيراً فاحشاً بيّناً، أو عملها في أمور تنافي الأخلاق والفضيلة.
متى يجب الطلاق بين الزوجين
على الرغم من أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، إلا أنه قد توجد موجباتٌ يكون الطلاق بين الزوجين أنفع لكليهما، ومن هذه الموجبات: إذا أصبحت علاقة الرجل بزوجته علاقةً سيئةً لا يمكن إصلاحها على الرغم من اتّباع كل السبل من قبل الزوج للمحافظة على بيته، كعدم طاعتها له مثلاً أو عدم محافظة الزوجة على بيت زوجها أو تبذير أمواله، فتصبح الحياة بينهما تعيسةً جداً. وفي هذه الحالة يكون بالطلاق منفعةٌ للطرفين خوفاً من وقوع أحدهما بمعصية. ارتياب الزوج بسلوك زوجته، وهو الذي يخرج من البيت للعمل فيبقى هاجسه الوحيد هذه الريبة والشك، على أن تكون هذه الريبة مبنيةً على وقائعَ يقتنع بها العقل وليس لمجرد الشك. إذا خاف الرجل على نفسه أن يقع بالزنا في حال بقاء هذه الزوجة معه، لكونها غير قادرةٍ على تحصينه من الوقوع بالحرام فسمح له الشرع بالزواج من امرأة اخرى، وسمح الشرع للرجل بأن يجمع في بيته أربع نساء شريطة أن يكون قادراً على الإنفاق عليهن، وبذلك حكمة ربانية.
هل يقع الطلاق وقت الغضب
هناك ثلاثُ أحوالٍ للغضب في حالة الطلاق، وهي:
- الحالة التي لا يقع فيها الطلاق بإجماع علماء الأمة، وهي الحالة التي يغيب فيها شعور الإنسان، بحيث يكون كالمجانين.
- الحالة التي لا يصل فيها الغضب إلى تغييب الشعور، حيث يكون عند الإنسان شيء من العقل، والإحساس، ولكن غضبَه يكون شديداً، ويؤدي به إلى أن يطلقَ زوجته، وهذه الحالة لا يقع فيها الطلاق على الصحيح من أقوال العلماء.
- الحالة التي يقع فيها الطلاق بإجماع العلماء، وهي الحالة التي لا يكون فيها الغضب شديداً، ويكون كغضب سائر الناس، كما لا يغيب فيها الشعور.
متى يكون الطلاق واجبا
الحالة الأولى: كون الطلاق واجبًا: وذلك كطلاق المولى وهو من حلف على الامتناع عن جماع زوجته فيُمهَل أربعة أشهر، فإنْ رجَع وإلا وجَب عليه الطلاق، وكذلك الإلزام بالطلاق في التحكيم بين الزوجين في الشقاق إذا رأى الحكمان ذلك.
ففي هذه الأحوال يجبُ إيقاع الطلاق، وإن امتنع الزوج عن ذلك أثم، وجازَ للحاكم إيقاع الطلاق، على تفصيلٍ وخلافٍ في المسألة.
الحالة الثانية: يكون الطلاق مستحبًّا إذا تعذَّرتِ العِشرة بين الزوجين، أو صعُبت، ولذلك صور، منها:
لو كانت الزوجة مُفرِّطة في حقوق الله تعالى الواجبة عليها؛ كالصلاة ونحوها، ولم يُجْدِ معها نصحٌ ووعظ.
الطلاق في حال الشقاق واستحالة العشرة الطيِّبة بين الزوجين.
إذا طلبت الزوجة المخالعة وأصرَّت على هذه المطالبة وتعذَّرت العشرة، ففي هذه الحال يستحبُّ للزوج أنْ يطلق منعًا للضَّرر.
الحالة الثالثة: يكون الطلاق مُباحًا: عند الحاجة إليه؛ لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، أو التضرُّر بها من غير حُصول المصالح المقصودة في النكاح.
متى يكون الطلاق أفضل حل
الطلاق حلّ قيد النكاح أو بعضه، وقصد الفقهاء بقولهم بعضه؛ إذا طلّق الرجل زوجته طلقةً رجعيةً، والطلاق مشروعٌ في الإسلام بأدلةٍ كثيرةٍ، منها ما ورد في القرآن الكريم، ومنها ما كان في السنّة النبوية الشريفة. فأمّا من القرآن الكريم فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)، وأمّا من السنة النبوية الشريفة فقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أبغضُ الحلالِ إلى اللَّهِ الطلاقُ)، ومع أنّ الطلاق جائزٌ ومشروعٌ في الإسلام، إلّا أنّ الأصل فيه الحظر والمنع، كما عبّر بعض العلماء، فقد قال الإمام السرخسي -رحمه الله- إنّ إيقاع الطلاق مباحٌ، إلّا أنّه مبغضٌ ومكروهٌ عند عامة العلماء.
ذكرت الشريعة الإسلامية الطّلاق كوسيلة أخيرة من وسائل حل المشاكل بين الزّوجين، فالطلاق حل أخير أجازته الشريعة الإسلامية مع الكراهة، فهو أبغض الحلال إلى الله تعالى، ولا ينبغي على المسلم أن يلجأ إلى هذه الوسيلة إلاّ إذا استعصت عليه وسائل الحل الأخرى ولم تجدِ نفعًا.