«برستيج» بمرمى الانتقادات في رحلة تائهة بين الجريمة والكوميديا المُبالَغة
تَعَرّض مسلسل برستيج للعديد من الانتقادات بعد عرض آخر حلقاته، التي جاءت مخيبة لآمال الجمهور، الذي لم يشعر بوجود حالة من التشويق ناتجة عن جريمة قتل غامضة، بالإضافة لاعتبار البعض المسلسل فرصة ضائعة لكل من طاقمه والمشاهدين، حيث لم يقدم كوميديا مضحكة، أو جريمة مشوقة، أو مؤثرات بصرية جيدة، بل كان أدنى من المتوقع في جميع النواحي الفنية.
جريمة قتل وعاصفة
دارت أحداث «برستيج» حول عاصفة شديدة تكاد تكون غير مسبوقة؛ مما يتسبب في لجوء 12 شخصاً إلى مقهى عريق والبقاء فترة طويلة بداخله إلى أن يزول الخطر، فيما ينقطع التيار الكهربائي نتيجة سوء الأحوال الجوية، لكن حين يعود التيار يتفاجأ الجميع بوقوع قتل ويصبح المتواجدون بالمكان محل شك وتساؤل، سواء أكان فيما بينهم أم من جانب سلطات التحقيق.
ورغم أنّ الفكرة العامة للمسلسل بدت تقليدية ومأخوذة من أعمال عالمية شهيرة، فإنّ الجمهور كان على استعداد للتغاضي عن تلك الجزئية مقابل الحصول على وجبة من متعة الفرجة الناتجة عن تعدد خلفيات الشخصيات وتوالي المفاجآت في مشاهد تحبس الأنفاس، لكن هذا لم يحدث.
المبالغة في الكوميديا
وفشل صناع العمل، لا سيما المخرج عمرو سلامة والسيناريست إنجي أبو السعود، في تقديم عمل متماسك مقنع، حيث جَنَح كثير من الممثلين إلى المبالغة في الكوميديا والتنافس في تقديم النكات، على نحو أفقد المسلسل هويته الأصلية.
عمرو سلامة يعتذر للجمهور
حاول المخرج عمرو سلامة من ناحيته في احتواء موجة الهجوم عليه، حيث نشر منشوراً عبر حسابه على فيسبوك قال به: «أشكر بصدق كل من أبدى رأيه في مسلسل بريستيج، أصحاب الآراء الناقدة قبل المادحة، النقد هو أحد أهم معلمي أيّ فنان، ومتابعة الآراء الجماعية وتحليلها واجب أساسي لكل من ينتج أعمالاً تَهدِف لإمتاع الجمهور، كلما كانت التجربة أكثر جموحاً، ازدادت حدة ردود الأفعال وتطرفها بين النقد والإعجاب»،: وأضاف متابعاً: «أول نجاح لأيّ مخرج هو اليوم الأول من التصوير، وثاني نجاح هو إعلان انتهاء التصوير في اليوم الأخير، وثالث نجاح هو تسليم المشروع مكتملاً لدور العرض أو الشاشات، ورابع نجاح هو تسلم الدفعة الأخيرة من أجره، والخامس وهو الأهم هو مشاهدة الناس للعمل، وتكون صدفة جميلة وتوفيقاً كبيراً إن أقبلوا عليه وأعجبوا به» وفق تعبيره.
وأشار عمرو سلامة عبر منشوره إلى أنّ «تحقيق كل هذه النجاحات يكاد يعتمد على اجتماع سلسلة من المصادفات الكونية، ودورنا هو الاجتهاد فيما نملك، التسليم بما هو خارج عن سيطرتنا، الرضا بما يأتي، والتعلم منه ما استطعنا إليه سبيلاً، والاجتهاد دوماً أن يكون القادم أفضل».
واستمد اسم العمل دلالته المباشرة من رغبة أحد العاملين بالمقهى في مساعدة صديق له على النجاح في مهنته كي يحظى بمكانة مرموقة، فينصحه بالأناقة المبالغ فيها ولا شيء أكثر، فهكذا تتحقق له مقومات «البرستيج»، بمعنى الوجاهة الاجتماعية.
سوء نطق اللهجة السورية لـ«آلاء سنان»
فشلت الفنانة المصرية آلاء سنان في تجسيد دور امرأة سورية هربت من الغرق خلال مركب تهجير، حيث ظهر عليها الضعف الشديد في نطق اللهجة السورية وكأنها تتكلم عبر ترانسليش (مترجم)، كما المبالغة في إظهار رد فعلها وانفعالاتها العاطفية المبالغ فيها.
الاستعانة بنجوم متقاعدين
استعان المخرج عمرو سلامة بعدد من النجوم المتقاعدين مثل الفنانة راندا عوض التي اعتزلت التمثيل من أيام رأفت الهجان ومسرحية ريا وسكينة، وكذلك الاستعانة بالفنان بسام رجب الذي اختفى عن الأضواء تماماً السنوات الأخيرة، وظهور وجوه جديدة لم يكن لها التأثير البالغ بالأحداث.
مؤلفة «سفاح الجيزة» أخفقت
المؤلفة إنجي أبو السعود لم تكتب من قبل إلا مسلسلاً واحداً هو «سفاح الجيزة»، الذي يقع أيضاً في دائرة أعمال الجريمة. وعلى الرغم من شعبية المسلسل وقت عرضه، فإنّ انتقادات كثيرة وجهت إليه، خصوصاً في المباشرة الشديدة في السيناريو، وتصاعد الأحداث غير المنطقي، وركاكة الحوار، وهو أمر يمكن تطبيقه تماماً على «برستيج» الذي يبدو في الحلقات الأربع الأولى كما لو أنه تكرار لدائرة الشك، إذ تشير كل شخصية بأصابع الاتهام إلى شخصيات أخرى من دون أسباب منطقية واضحة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بناء الشخصيات جاء هزيلاً جداً؛ فهي مجرد نماذج مختصرة وليست شخصيات مكتملة، مثل المحامي الفاشل، وصاحب المقهى الذي يعيش في زمن ولّى، أو المهاجرة السورية التي تعاني من كرب ما بعد الصدمة بسبب تجربة الهجرة على متن قارب في عرض البحر.
مسلسل «بريستيج» من تأليف إنجي أبو السعود، وبطولة محمد عبد الرحمن، مصطفى غريب، راندا، سامي مغاوري، آلاء سنان، بسام رجب، معاذ نبيل، أمنية البنا، زياد ظاظا. وتدور أحداثه على مدى 8 حلقات فقط، عرضت حلقتان منه كل أسبوع.