الدّكتورة السعودية غيداء الجريفاني لـ«نواعم»: ‎ هناك ثغرات اجتماعية وتفكير سلبي من ناحية المرأة

by Nawa3em 13 Years Ago 👁 5260

بين السعودية وكامبريدج تلقّت الأستاذة والمدرّبة السعودية غيداء الجريفاني، علومها وحازت دبلوم مختبرات إنشائية ثمّ درجة بكالوريوس في إدارة الأعمال، ولم يتوقّف حلمها عند هذا الحد بل تابعت تحصيلها العلمي وحصلت عام 2007 على شهادة ماجستير في الموارد البشرية والتسويق. بعيداً عن الأرقام وعالم التسويق، تعشق الجريفاني الرسم وتمارس هوايات فنية أخرى. عن حياتها المهنية والعائلية، حاورتها «نواعم» في هذا اللقاء الذي نتعرّف من خلاله إلى شخصية امرأة سعودية مثابرة وصلت إلى أعلى المراكز؛ اقرئي التفاصيل.

 عرّفي القراء عن نفسك أكثر.
 غيداء الجريفاني، عاشقة لمهنة التدريب، لا أعرف المستحيل، صادقة وأفخر بقيمي. لديّ رسالة في الحياة على ضوئها تتوجّه خطواتي، وأؤمن بأن الله خلقنا لنتكامل لا لنتفاضل.

 أنتِ امرأة متزوجة وعاملة، كيف يمكنك التنسيق بين عملك وحياتك العائلية؟
 لا أخفي عليك أنه في بداية حياتي العملية كانت ساعات العمل والتحصيل العلمي تأخذ الكثير من وقتي، ما أصابني بالإرهاق، ولكن بوقفة مع النفس تعلمت أن أوازن وقتي وأعطي لكل ذي حق حقه. 

ألا تعتقدين أن هناك تقصيراً في ناحية معيّنة؟
 نحن بشر ولدينا طاقات محددة وأحياناً يكون هناك تقصير على المستوى الاجتماعي لا عائلتي فحياتي الاجتماعية قليلة، أعني الأقارب والصديقات ولكني أفضل أن أستثمر وقتي بما يحسب لي في الآخرة.

 السوق العربية اليوم مليئة بالنساء ذوات الكفاءات الذين يعملون في مجالات إدارة الأعمال وإدارة القطاعات، ما الذي يميّز المرأة السعودية في هذا المجال؟
 المرأة السعودية أثبتت وجودها فهي دؤوبة في عملها مصرّة على أن يكون لها دور في التنمية الاقتصادية، باحثة ومبدعة، وما زال الطريق طويلاً أمامها لكسب ثقة السوق، مع أن خادم الحرمين الشريفين أطال الله في عمره مساند للمرأة وداعم لها ولكن هناك ثغرات اجتماعية وتفكير سلبي من ناحية المرأة والنظرة إليها، وهذا ما يجعلها تقوم بأضعاف ما يقوم به الرجل حتى تحتل مكانة أقل ممّا يحتلها.

 وهل تعتبرين أن السعوديات كسبن الرهان ونجحن في التفوّق على الرجل؟
 الرجل هو الأخ والأب والزوج والابن، ولست هنا بصدد رهان، وحبّذا لو غيّرنا كلماتنا حتى لا يكون السلوك الصادر من المرأة أو الرجل سلبياً، بل أفضّل المشاركة في بناء المجتمع والاقتصاد لا الحروب والرهانات، فالرجل أحتاج إليه كامرأة بالرأي والخبرات والدعم المعنوي، وكثيراً ما أجد الإعلام يحاول خلق الحرب بين الرجل والمرأة، فلمَ لا نوجّه تفكيرنا وكلماتنا لنبني سلوكاً إيجابياً، لمَ لا يكون السؤال: هل تعتبرين أن السعوديات أثبتن وجودهن بالمشاركة في بناء الاقتصاد وبناء الأسرة التي منها يتخرج الأعضاء النافعون لمجتمعاتهم؟ وأجيب عن سؤالي نعم، المرأة نجحت بوعيها وتسامحها وعلمها بمشاركة الرجل في المسؤولية. وكلا الرجل والمرأة يهدف إلى تحقيق الجزء الخاص به بما خلقنا الله به من تمييز بالقدرات. فأنا لا أؤمن بالمساواة المطلقة بل بالمساواة في الحقوق والواجبات التي شرعها الله لنا، فديننا أعطى المساواة للمرأة وأكرمها بأن أعطى المسؤولية التي تؤثر على أعصابها ورقتها إلى الرجل.

 كيف تقيّمين الدراسة في الخارج والدراسة في السعودية والدول العربيّة؟ هل ترين أنّ هناك نقصاً في طرق التعليم الأكاديمي والجامعي؟
لو رجعت إلى السؤال الأول الذي طرحته بتعريف نفسي، فأنا أؤمن بالتكامل، فالله خلقنا لنتكامل ولا كامل إلا الله، وأنا لست مؤهلة لتقييم كل ما ذكرت ولكن معرفتي «اطلبوا العلم ولو في الصين» تحثنا على أن نطلب العلم ونبحث ونستقي العلم من مصدره ونتفكر بما نتعلم ونضيف إليه أو نطوّره حتى لا نكون استنساخاً بفكرنا عن غيرنا. وبالنسبة للنقص نعم هناك نقص نوعي، فالغرب يطوّر المناهج وتجدون مناهجنا ما زالت تحتاج إلى التطوير بل تحتاج إلى التحرر من قيود عديدة، وإلى التركيز على البحث والتطوير والاختراع وتشجيع الأفكار.

 أين يكمن الشبه وأين يكمن الاختلاف؟
 سؤالكم هذا يحتاج إلى بحث ودراسة لأصدر فيه رأياً، فلا يمكنني أن أقيّم الدراسة في البلدان العربية أو السعودية أو الأجنبية ما لم أقم بدراسة عن قوانين ومناهج تلك الجامعات وحتى إن فعلت فسيكون هذا رأيي ولا يمكن التعميم. ولكن أنا أؤمن بأن مسؤولية التعلم والتفوّق متسلسلة من البيت إلى المدرسة والجزء الأكبر على الفرد.

 فكم من خريج بإدارة الأعمال في كل بقاع العالم وكم متميّز؟
هناك متميزون في كل بلد وكل جامعة، وهذا يعطيني مؤشراً على أن خطط الفرد وأهدافه وقيمه هي التي تحدّد نوعية التلقي ومسؤولية العلم المتلقي.

 قمتِ بالتدريب على دورات كثيرة هدفها تنمية وتطوير الذات؛ كيف ترين أداء المرأة السعودية، وهل تسير على الدرب الصحيح في العمل؟
 كلي فخر بأبناء بلدي وكلي فخر بكل امرأة على مستوى العالم، نعم دربت الكثيرين، وأجد المرأة السعودية باحثة عن العلم والتعلم والتطوير والرقي بأسرتها ومجتمعها، وما زال الوعي بمسؤولية العمل والإبداع والإضافة للعمل يحتاج إلى الكثير من المرأة والرجل، فالرؤية والقيم والنظرة بنظرة المشاركة والمسؤولية تحتاج منا جميعاً إلى مجاهدة النفس وعدم التسويف ووضع خطط مهنية لنا. 

بين العائلة، النشاطات الاجتماعية وسوق العمل، أين تكمن الأولوية في حياتك؟
 التوازن والتطوير المستمر.

 خلال عملك، هل واجهتِ صعوبات على صعيد التأقلم في السوق العربية والخليجية في ظل سيطرة الرجال على هذا المجال؟
كلا، فقد كان الرجل داعماً ومسانداً، ولغة الحوار والاتصال الفعال وطريقة إيصال الرسالة الجادة والهادفة ووضوح رؤيتي يفرض احترامي على الطرف الآخر وهو الرجل وتصله رسالتي بأني قادرة على إنجاز عملي بطريقة متقنة ومميزة. 

كيف ترين مستقبل المرأة السعودية والخليجية العاملة؟
 مستقبل زاهر في ظل دعم قياداتها وإصرار المرأة على التحصيل العلمي والمهني وتغيير نظرتها إلى النظرة الإيجابية لكل معضلة وتجدها فرصة للتطوير, فنحن نتعلم من الصعاب والفشل وهذا ما يجعل نمونا الفكري والنفسي مستمراً.

 هواياتك الرسم بالزيت وتنفيذ لوحات السيراميك؛ هل تجدين الوقت الكافي لممارسة الهوايات الفنية؟ وكم تمثّل لكِ مخرجاً من أعباء العمل؟
 الكثير، فالإبداع يعزز الثقة بالنفس ويقسم العمل ما بين جزءي المخ، فالأيمن يمثل الإبداع والابتكار والأيسر التحليل والمنطق، كما أني من خلال هواياتي أجد حلولاً لعوائق العمل بل وأكثر، فاليوغا ورياضة المشي والسباحة والقراءة تأخذني بعيداً لأنظر إلى صورة حياتي من عدة اتجاهات ومن خارج الحدث لأجد الحلول والخيارات الأخرى وأناقشها مع أبنائي، فالشباب هم الإبداع ونظرتهم للأمور مختلفة عن التقليدية وكثيراً ما أتعلم من أبنائي ومتدرّباتي, فشكراً لهم ولكل من تعلمت منه أو منها.

 تحبّين التحدي واكتشاف الفرص؛ هل تندمين على أي خطوة قمتِ بها في حياتك؟
 الندم لا يفيد ولكن التعلم من الفرص والمخاطرة واكتشاف الجديد من الفرص هو ما يفتح سوقاً جديداً وينمّي الإنسان فينا. فما مر عليّ من تجارب هو ما صقل شخصيتي وأصبحت ما أنا عليه بفضل الله ودعاء الوالدة حفظها الله والبذور التي زرعها الوالد رحمه الله في شخصيتي.

 في ظل أوضاع السوق العربية المتأرجحة هل تسمح لكِ الفرصة بالمخاطرة والتحدي؟
 أصبحت الفرصة أكبر للمساهمة في المشاركة بدعم وتطوير إخوتنا العرب. وأتمنى أن يسمح لي الوقت بمشاركة علمي الذي أنعم الله به عليّ، فـ«علم يُنتفع به» هو ما يبقى لي بعد الممات. وبالنسبة إلى المستوى التجاري والربحي كذلك هناك فرص في الكثير من البلدان التي يمكن استثمارها، وهذا ما أعمل عليه كمدربة وهو التدريب على اكتشاف الفرص واستثمارها كمشاريع صغيرة.

 نصيحة من غيداء الجريفاني إلى المرأة العربيّة والخليجية.
 لا تفقدي الهوية، فلدينا ما يميّزنا، انشري الحب والتسامح حولك وأكثري العطاء فسوف تحصلين على مردود إيجابي بإذن الله، تفاءلي واشكري الله على النعم.

 كلمة أخيرة لـ«نواعم».
 شكراً لـ«نواعم» لإتاحة الفرصة لي لأن أشارك آرائي وأفكاري مع من أحبهم في الله؛ مع خالص شكري وتقدير لكل العاملين في «نواعم» الذين أضفوا الابتسامة على حياة المرأة وقربوا لها المسافات وشاركوها الرأي والمعرفة.