هذا الصيف، سوّاح دول مجلس التعاون الخليجي مدعوون لاكتشاف مغامرات جديدة بين أحضان الطبيعة الخلابة في ألمانيا، حيث تلتقي المغامرات بالثقافة والمناظر الطبيعية التي تأسر القلوب، حيث تسلط حملة "احتضنوا طبيعة ألمانيا" الضوء على بحيرات ألمانيا الهادئة والبعيدة عن الزحام، والتي تقدّم لعشّاق السفر ملاذاً منعشاً يجمع بين صفاء المياه، وروعة الجبال، وروح الاستدامة في تجربة لا تُنسى.
من بحيرة كونستانس إلى بحيرة كونيغسِه، وصولاً إلى منطقة بحيرات مكلنبورغ الشاسعة، تحتضن ألمانيا وجهات ساحرة على ضفاف المياه، مثالية للعطلات العائلية، أو لاستراحة هادئة في أحضان الطبيعة، أو لرحلة استجمام واستعادة التوازن. لذا، سواء كنتم تمارسون رياضة التجديف فوق المياه الساكنة، أو تتنقّلون بالدراجات بين الغابات، أو تقضون الليل على متن قارب تحت السماء المرصّعة بالنجوم، ستمنحكم هذه التجارب انتعاشاً صيفياً بعيداً عن الحرارة، وتعيد صلتكم العميقة بالطبيعة في إطار من السفر الواعي والمراعي للمناخ.
ومع احتلال ألمانيا المرتبة الثانية كوجهة مفضلة لعشّاق السياحة الطبيعية بين الأوروبيين، بنسبة 14٪ من سوق الإجازات المعنية بالطبيعة، وكون الرحلات القائمة على استكشاف الطبيعة شكّلت أكثر من 21٪ من إجمالي السفر السياحي الأوروبي إلى ألمانيا في عام 2023، بما مجموعه 6.7 مليون رحلة، فإن هذه الأماكن تَعِد بوجهات شاملة ومتاحة بسهولة لزوّار الخليج الذين يرغبون في تجربة سفر صيفي غير تقليدي.
مغامرات جبال الألب والمناظر الطبيعية الأسطورية
للباحثين عن مشاهد جبلية تخطف الأنفاس، تشكّل رحلة الدراجات من بحيرة كونستانس إلى بحيرة كونيغسِه مصدر إلهام حقيقي. تبدأ الرحلة من مدينة لينداو على ضفاف بحيرة كونستانس، وتنطلق عبر تلال منطقة ألغاو الخضراء، مروراً ببحيرات برّاقة مثل تيغيرنزيه وشلييرزيه، وقرى ساحرة تبدو وكأنها خارجة من صفحات القصص، تحيط بها مناظر الألب الخلابة. وعلى طول الطريق، يلتقي الزوّار بالعديد من الكنوز الثقافية القيّمة مثل قصر هوهينشفانغاو، وقصر نويشفانشتاين الشهير، ذلك القصر الحالم الذي بناه الملك لودفيغ الثاني، والذي لا يزال حتى اليوم يأسر قلوب المسافرين من كل أنحاء العالم.
وتنتهي هذه الرحلة الساحرة عند بحيرة كونيغسِه، المتربّعة بين جبال بيرشتسغادن الشاهقة. تُعرف هذه البحيرة بمياهها الزمردية الصافية وموقعها الاستثنائي بين المنحدرات الصخرية، وتدعو زوّارها إلى ركوب القوارب الكهربائية الصامتة التي تنساب بهدوء فوق سطح الماء، كاشفةً عن خلجان خفية وكنيسة سانت بارثولوما ذات القبة البصلية الشهيرة. هذا وتحيط بالبحيرة قمم شامخة وانعكاسات ساحرة، لتتحوّل إلى ملاذ هادئ مثالي لنزهات في الطبيعة، ومسارات المشي الممتعة، ولحظات من التأمل والسكينة.
جنة المياه الداخلية في ألمانيا
تقع منطقة بحيرات مكلنبورغ، إحدى أوسع وأصفى مناطق البحيرات في أوروبا، على بُعد مسافة قصيرة شمال برلين. تُعرف هذه المنطقة باسم "أرض الألف بحيرة"، وتُعد جنة حقيقية لعشّاق الطبيعة وللمسافرين الباحثين عن إيقاع الحياة الهادئ والتجارب البطيئة. في قلب هذه الرقعة الخضراء تتربّع بحيرة موريتس، أكبر بحيرة داخلية في ألمانيا، تحيط بها غابات كثيفة، وتلال ناعمة، ومجاري مائية متعرجة.
هنا، يمكن للزوّار استئجار قوارب الكانو أو الكاياك أو ألواح التجديف لاستكشاف المسارات المائية الهادئة التي تمرّ بين نباتات القصب، والضفاف المغطاة بالأشجار، والقرى الصغيرة التي تملأها السكينة. ومن أجمل التجارب التي يمكن خوضها هنا قيادة منزل عائم (هاوس بوت)، حيث يمكنك النوم على سطح الماء والانطلاق برحلة تناسب إيقاعك الخاص، متوقفاً عند خلجان خفية أو بلدات صغيرة تشرق بسحر البحيرات. ولا تتطلب هذه المغامرة رخصة خاصة، مما يجعلها تجربة سهلة وممتعة للعائلات والسواح الذين يزورون المكان للمرة الأولى.
أما على اليابسة، فيمكن للمسافرين استكشاف منتزه موريتس الوطني سيراً على الأقدام أو بقيادة الدراجات الهوائية عبر المسار الدائري حول البحيرة، وسط تنوّع طبيعي غني يشمل طيوراً نادرة مثل الكركي والنُسور. وفي الليل، وعند غياب التلوّث الضوئي، تتحوّل محميات مثل نوسنتينر وشفينتسر هايده إلى أفضل المساحات الحالمة لرصد النجوم في ألمانيا.
ملاذات ساحلية وثروات ثقافية
بعيداً عن عالم البحيرات، تمتد منطقة مكلنبورغ-ويسترن بوميرانيا حتى بحر البلطيق، حيث تنتشر على طول 1900 كيلومتر من السواحل، منتجعات أنيقة للعلاج الطبيعي، ومدن ميناء تاريخية، ومواقع مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وفي مدينتَي فيسمار وشترالسوند، يمكن للزوّار الاستمتاع بسحر البحر وأجوائه، بين مبانٍ قوطية من الطوب الأحمر وشوارع ضيّقة تعود إلى العصور الوسطى، تروي بفخر حكاية عصر الرخاء الذهبي لرابطة الهانزا.
وتستمر المنتجعات المحاذية للمياه مثل هايليغندام وجزيرة أوزيدوم في الحفاظ على تراث ألمانيا العريق في العناية بالجسد والروح، مقدّمةً مرافق للاسترخاء، وشواطئ رملية ناعمة، ومبانٍ أنيقة تعود لعصر "البيل إيبوك" (الزمن الجميل). أما قصر شفيرين، الذي يقع وسط بحيرة تبدو مياهها أشبه بالمرآة العاكسة، فهو يُعد موقعاً تاريخياً يخطف الأنفاس، ووجهة مثالية تحتضن المهرجانات الصيفية الحيوية العديد من العروض الثقافية.
هذا وتتصل هذه المنطقة الساحلية والداخلية بانسيابية مع المدن الكبرى في ألمانيا. وبفضل القطارات المباشرة وخدمات InterCity وICE المتتالية، يمكن الوصول بسهولة وراحة إلى مدن مثل فارين (موريتس) ونويشتريليتز من برلين وهامبورغ. كما توفّر العديد من المدن المحلية بطاقات للزوّار تتيح لهم التنقل مجاناً عبر الحافلات الإقليمية، مما يشجع على استكشاف المنطقة بأسلوب مستدام وخالٍ من السيارات.
هذا ويمكن للمسافرين استكشاف هذا التنوع عبر 300 ألف كيلومتر من مسارات المشي و76 ألف كيلومتر من طرق الدراجات الهوائية، التي تمر عبر الغابات الهادئة، والبحيرات المتلألئة، ووديان الأنهار، والمناظر الألبية المدهشة. هذا ويُعتبر ثلث ألمانيا مغطى بالغابات التي تمنح الهواء النقي، الرفاهية الطبيعية، والخلفية الهادئة للمغامرات أو للحظات من السكينة وسط أحضان الطبيعة.
ومع تزايد الاهتمام بالعطلات المرتكزة على الطبيعة والسفر الواعي بيئياً، تستمر ألمانيا في تقديم تجارب أصيلة لا تُنسى. ولذا، فإن البحيرات الخفية في البلاد من الجنوب الألبي حتى الشمال الساحلي تنتظر مَن يكتشفها، لتمنح المسافرين نسمة من الانتعاش الحقيقي في عز الصيف.