ماريا بورو تكشف لـ"نواعم": الرياض ليست معرضًا موقتًا بل مستقبل التصميم
في خطوة تعكس مكانة المملكة العربية السعودية كمركز متنامٍ للابتكار والإبداع، تستعد الرياض لاستضافة النسخة الأولى من معرض "سالوني ديل موبيلي. ميلانو"، أحد أبرز الفعاليات العالمية في مجال التصميم والأثاث.
يُقام الحدث في الفترة من 26 إلى 28 نوفمبر 2025 في الحي المالي (KAFD)، ليشكّل محطة بارزة في مشهد التصميم السعودي المتنامي، ويقدّم أكثر من35 علامة إيطالية إلى جانب مصممين سعوديين رائدين، في تجربة تجمع بين الحرفة الإيطالية والهوية المحلية.
في هذا الإطار، كان لنا هذا الحديث الحصري مع ماريا بورو، رئيسة المعرض، لتحدثنا عن فلسفة الحدث، وأسباب اختيار الرياض كوجهة أولى، وكيف يلتقي التصميم الإيطالي بالحسّ الجمالي والثقافي السعودي في تجربة تحمل عنوان "تصميم يتشكّل".
1. ما الذي ألهمكم لإطلاق "سالوني ديل موبيلي. ميلانو" لأول مرة في الرياض؟
الرياض اليوم ليست مجرد مدينة تتطور، بل ورشة مفتوحة على المستقبل، حيث تتحول الرؤى إلى واقع، وتُبنى الشراكات على أسس من الثقة والمعرفة والإبداع. نحن في سالوني نعمل حيث تلتقي الثقافة بالصناعة، فتتحوّل الأفكار إلى مشاريع حقيقية. وجدنا في الرياض هذه الطاقة والطموح، لذلك قررنا إطلاق منصة تجمع بين التصميم، والتبادل المهني، والتعلّم ضمن تجربة واحدة متكاملة. ومن هنا انطلقت البداية تحت عنوان "تصميم يتشكّل"، كخطوة أولى نحو النسخة الكاملة العام المقبل.
2. كيف يعكس عنوان "تصميم يتشكّل" رسالة سالوني العالمية؟
إنه تجسيد لفلسفتنا في تحويل التصميم إلى تجربة حقيقية. سيعيش الزوار في الرياض تجربة تأخذهم من الأفكار إلى الحلول، ومن الحوار إلى اتخاذ القرار. نحن نبني جسوراً بين الثقافة والأعمال، ونربط المصممين والعلامات التجارية بالمؤسسات والأسواق، وندعم المواهب الشابة من خلال سالوني ساتلايت الذي يفتح المجال أمام الجيل الجديد. في هذه التجربة نصغي للهوية السعودية، والمواد المتوفرة، ومناخها، وطقوس الضيافة فيها، لنقدّم تصميماً ينبض بروح المكان ويتحدث بلغة عالمية. إنها خطوة أولى صادقة نحو المستقبل: تعاون حقيقي يعكس روح الترحيب والوضوح والطاقة.
3. لماذا وقع الاختيار على المملكة العربية السعودية، ولماذا الرياض تحديدًا، لهذا الحدث المحوري؟
لأن الرياض في قلب التحوّل العمراني والثقافي في المملكة العربية السعودية. تمنح شراكتنا مع هيئة فنون العمارة والتصميم التابعة لوزارة الثقافة أساساً متيناً وآفاقاً بعيدة المدى. نحن نتشارك القيم نفسها: الجودة، والتعليم، والاستدامة. ما نبدأه هنا هو تعاون طويل الأمد يهدف إلى تحقيق نتائج حقيقية ورفع معايير التصميم محلياً وإقليمياً.
4. كيف تتكامل أو تتقاطع فلسفتا التصميم الإيطالية والسعودية؟
التصميم الإيطالي يقوم على الجمع بين الحرفة والدقة الصناعية، حيث يمكن تحويل الجمال إلى منتج حقيقي. أما التصميم السعودي فينطلق من ارتباطه بالمكان، من الأجواء، والمناخ، وطقوس الضيافة التي تميز أسلوب الحياة هنا. عندما تلتقي الثقافتان، يحدث حوار رائع: التفاصيل الإيطالية تلتقي بسخاء المساحة السعودية، والأناقة تمتزج بالراحة والاستدامة. التحدي هنا إيجابي ومثمر، لأنه يحوّل الطقوس إلى تصاميم قابلة للتنفيذ تجمع بين المتانة والجمال والوظيفة.
5. كيف يمكن لهذا التعاون أن يعزز تبادل المعرفة بشكل فعّال؟
من خلال الجمع بين الحوار والتعليم والعمل المهني في مساحة واحدة. في معرض "تصميم يتشكّل "، ستقام جلسات حوارية وورش عمل تجمع المصممين السعوديين والإيطاليين، إلى جانب ردهة الأعمال التي تتيح اجتماعات مباشرة بين الشركات والخبراء. نحن نؤمن أن المعرفة تنتقل بسرعة حين تلتقي الأفكار بصنّاع القرار.
6. ما الدور الذي يلعبه السرد الثقافي في دمج هذه التقاليد؟
السرد الثقافي هو الجسر الذي يربط بين القيم والأشكال، ويجعل التصميم مفهوماً للجميع. في تجربتنا، يلتقي الإرث الحرفي الإيطالي بروح الحياة السعودية، لتنتج لغة تصميم تحافظ على كلا الجانبين وتبرز هويتهما. التركيب الرئيسي في المعرض يعمل كـ"هندسة تواصل"؛ فهو مسار واضح، وعلامات مفهومة، وحوارات تربط بين الصانعين والمواد والاستخدامات. الزوار لن يشاهدوا المنتجات فقط، بل سيتعرفون على قصتها، وأصلها، وكيف يمكن أن تصبح جزءاً من حياتهم اليومية في الرياض. هذه القصص المشتركة تصنع فهماً أعمق واحتراماً متبادلاً.
7. كيف تدعم الشراكة مع هيئة فنون العمارة والتصميم تحقيق رؤية 2030؟
تستند الشراكة إلى أربعة أسس متكاملة: الجودة، والتعليم، والاستدامة، والأثر المستقبلي. هذه الشراكة تبرز المواهب السعودية وتفتح أمامها أبواباً عالمية، وتخلق شبكة علاقات قائمة على الاحتراف والمعايير المشتركة، إنها طريقة عملية لدعم الاقتصاد الإبداعي وتحقيق أهداف رؤية 2030 من خلال التصميم.
8. كيف يمكن لمعرض التصميم أن يساهم في تشكيل الهوية العمرانية والثقافية المستقبلية للمملكة العربية السعودية؟
أؤمن أن التصميم يمكن أن يشكّل طريقة العيش، لا فقط شكل المكان. من خلال "تصميم يتشكّل "، نجعل التصميم مرئياً وقابلاً للتطبيق، ونبني روابط بين الخيال والتنفيذ. بهذه الطريقة، تتحوّل الأفكار إلى مشاريع واقعية تُثري مجالات الضيافة والعمل والسكن والثقافة. فالتصميم الجيد ليس مجرد جَمال، بل حجر أساس للحياة اليومية.
9. ما الذي يمكن للزوّار توقّعه في الرياض، من التركيبات الفنية إلى الجلسات الحوارية والتجارب التصميمية؟
سيعيش الزوار تجربة غامرة داخل مساحة أشبه بمدينة قيد التشكّل. يتنقلون فيها بطريقة منظمة تتيح لهم فهم مختلف العروض بسهولة، من منتجات أكثر من 35 علامة إيطالية رائدة، تشمل الأثاث والإضاءة وتصميمات الأسطح، مرتّبة لتوضيح الجماليات والاستخدام. ستُقام حوارات وجلسات ثنائية اللغة تجمع المبدعين السعوديين والإيطاليين لمناقشة الابتكار والاستدامة والهوية. كما خصصنا ردهة أعمال لعقد اجتماعات مباشرة. التجربة ككل سلسة ومترابطة، من الاكتشاف إلى النقاش، ومن الفكرة إلى الحل.
10. مع أكثر من 35 علامة إيطالية ومصممين سعوديين بارزين، كيف تم تحقيق التوازن في عملية التنسيق؟
انطلقنا من فكرة الاستخدام، لا من الصيحات. ركزنا على مساحات الحياة اليومية، والمنزل، والعمل، والضيافة، والمساحات العامة. في كل تفصيل، جمعنا بين خبرة التصنيع الإيطالية ورؤية المصمم السعودي، فخرجت النتيجة حكاية واحدة منسجمة. اعتمدنا معايير الاختيار ثابتة تركز على الجودة والابتكار والاستدامة، لتقديم تجربة عملية ومتكاملة في الوقت نفسه.
11. كيف ستختلف هذه النسخة عن تجربة سالوني في ميلانو؟
تحمل التجربتان الروح نفسها من حيث الدقة والتنظيم والخدمة، لكنها تتجسد في الرياض بروحها الخاصة ونبضها المميز. ميلانو تقدّم المشهد الواسع للابتكار، أما الرياض فتركّز على الجوهر: تجربة مرتبة وسهلة المتابعة، مع نتائج مباشرة وحقيقية. يتميّز الحدث بروح تتماشى مع أسلوب العيش والعمل في المملكة العربية السعودية.
12. هل ستكون هذه التجربة فعالية متكرّرة أو منصة إقليمية؟
نعم، هذا هو الهدف. "تصميم يتشكّل" هو البداية فقط. في العام القادم ستستضيف الرياض النسخة الكاملة من المعرض التجاري تحت مظلة "سالوني"، مع مشاركة أوسع من العلامات والمواهب. على المدى الطويل، نطمح لأن تصبح الرياض المركز الإقليمي للتصميم في المنطقة، تربط بين الاستوديوهات المحلية والعلامات الدولية، وتفتح المجال للمواهب الشابة وبرامج التعليم المستوحاة من سالوني ساتلايت. نريد حدثاً سنوياً ثابتاً يربط بين الإبداع والمهنة، ويحوّل الحوار إلى إنجازات.
13. كيف ترين تطوّر مشاركة التصميم الإيطالي في الشرق الأوسط انطلاقاً من هذه البداية؟
أراه ينتقل من العروض المؤقتة إلى التعاون الدائم. أؤمن أننا سنشهد مشاريع مشتركة أكثر، نعمل فيها معاً على المعايير والمواد والحلول المناسبة للمناخ المحلي، مع تبادل خبرات حقيقي من الفكرة إلى الإنتاج والتعليم سيكون العنصر الثابت الذي يضمن استمرارية هذا التعاون وتطوره.
14. ماذا يعني لكم شخصياً بناء جسر بين ميلانو والرياض بصفتكم الرئيس؟
بالنسبة لي، الأمر يشبه جمع منزلين في مكان واحد. ميلانو علّمتني أن التصميم فعل إنساني يهتم بكيفية العيش معاً، والرياض تعلّمني اليوم كيف يمكن لهذا العيش أن يتخذ شكلاً جديداً: من أجواء مختلفة، وإيقاع مختلف، لكن مع نفس الدفء الإنساني. أن أكون بين المدينتين يعني أن أستمع أولاً، وأساهم من خلال "سالوني" في خلق لقاءات حقيقية بين الأشخاص والأفكار والصناعات. عندما يصبح الحوار بين الرياض وميلانو وسيلة لتغيير الطريقة التي نفكر بها، أشعر أن عملي اكتمل معناه. فالمسألة لا تتعلق بمعرض فقط، بل ببناء ثقة وجمال مشترك.