نجلاء بدر لـ«نواعم»: من منا لم يمر بأزمة ثقة؟
حَاوَرت «نواعم» النّجمة المصرية نجلاء بدر بعد تَأَلّقها اللافت في عملها الأخير «أزمة ثقة»، الذي عَدّته المولود الذي وُلِدَ على يديها فاهتمت به بالرعاية والعناية إلى أن صار نَاضِجَاً مزهراً، معتبرة إياه أحد أهم أعمالها الفنية مؤخراً، كما أخبرتنا عن جديد أعمالها؛ فيما طرحت سؤالاً مجتمعياً للنقاش في قادم الأعمال: ماذا سنفعل عندما يستنسخ الذكاء الاصطناعي «AI» نسخاً تمثل بصورتها وصوتها؟
*بداية نبارك لك بطولتك الأخيرة «أزمة ثقة»، أخبرينا عن كواليس العمل؟
الحمد لله على ردود الفعل الطيبة التي تلقيتها من الجمهور أولاً. ثانياً أَعُدّ هذا العمل مثل الطفل الذي وُلِدَ على يدي، حيث بُنِيَ سيناريو العمل على يدي؛ فقد عَرَضَ عليّ المخرج وائل فهمي عبد الحميد الورق، وكان أول عمل يجمعنا سوياً، حيث كانت والدتي تعمل مع والده الحاج فهمي دائماً، وكنت أعرفه عائلياً ولم نكن نعمل مع بعض من قبل. فاتصل بي وأخبرني برغبته في مسلسل قيد الإعداد له ويرديني أن أكون بطلة العمل، فطلبت منه إرسال السيناريو.
*وماذا كانت ملاحظاتك؟
قلت له هناك ملاحظات على الورق، فرد عليّ تلقائياً (انس هذا الورق نهائياً، وأتى إلي ورق أفضل من هذا بكثير سأرسله إليك)، فوصلت إلي أول حلقتين، فصدمت من قوة العمل، حيث بدأ العمل بجريمة قتل والجمهور يعلم من القاتل، فإذن العقدة في رحلة مساندة القاتل الذي تسبّب في القتل الخطأ دفاعاً عن إخوتها وبطش واعتداء زوجها عليهن. فبالتالي شدني العمل لمعرفة رحلة القبض عليه وهل سيفلت من الجهات الأمنية، فوجدت الموضوع مشوقاً، وتواصلت مع المؤلف لنقف على تفاصيل الحلقات القادمة في جلسات وورش عمل سوياً، حيث أحسست بأنّ المسلسل رُبّيَ على يدي كأنّه طفل رأيته يكبر ويقف على قدميه ويصير شاباً فتياً؛ إلى أن وقعت على العمل في الحلقة الـ8.
*فريق العمل كيف تم اختياره؟
طلبت من المخرج وائل فهمي عبد الحميد طلباً عفوياً (أريد ممثلين بجد)؛ أريد ممثلين على مستوى عالٍ، إذ أريد زملاء يتبارون معي بالتمثيل وليس «تقضية واجب» فقط، بل أريد ممثلين يسندوني ويصبح العمل أقوى بهم. فمر العمل برحلة ترشيحات كثيرة إلى أن تَمّ الاستقرار على أبطاله المميزين (هاني عادل ومنة فضالي وملك زاهر). ليظهر النجوم بحقيقية شديدة وصدق فني أعطى العمل تميزاً.
*هل تخوفتِ من تقديم شخصية من الممكن أن يكرهها الجمهور؟
بالعكس أكثر ما شدني للعمل أنّ الشخصيات حقيقية جداً، حيث تشبه «عُلا» سيدات كثيرات تعرضن لعنف زوجي، والزواج من أخرى دون علمها شيء، ثم النصب والاستيلاء على أموالها من أقرب الأشخاص إليها. وبالتالي فالشخصيات موجودة في حياتنا. كل شخصية في المسلسل يرى فيها المشاهد جزءاً من حياته الحقيقية معروضة في «أزمة ثقة»، والشخصيات فيها عمق وبُعد نفسي، ولا توجد شخصية ليس لديها أزمة ثقة، وبالتالي الأزمة تطالنا جميعاً بفقدان الثقة في بعض أو من أناس آخرين في حياتنا.
*كيف كان تعاونك مع هاني عادل؟
هاني ممثل محترف وتقمص الشخصية وعاش فيها بهدوء، حيث أصفه بـ«دحلاب» (ملمسه ناعم ولدغته قوية). دوره وحبه لعُلا في المسلسل كانا عنصر مفاجأة؛ إذ كيف يحب عُلا وهي ما زالت في شهور العِدة ومتزوج من أختها، ليفاجأ الجمهور بأنّه تزوج شقيقة زوجته ليظل بالقرب منها.
*عرض المسلسل في 15 حلقة، هل خَدَمَ الدراما أم كان يفضل أن يكون 30 حلقة؟
هناك دراما تحتمل الـ30، وهناك دراما لا تحتمل. في «أزمة ثقة» كان المميز فيها هو التكثيف الدرامي وإزالة الحشو. فأضرب لك مثلاً بـ«ليالي الحلمية»، شخصياته كثيرة وعرض منه 5 أجزاء، أما مسلسلنا الحالي فتدور أحداثه حول 6 شخصيات. فخطوطه الدرامية قصيرة ونسيجه الدرامي مبدع.
*متى بدأ تصوير المسلسل؟
بدأت النقاشات إلى أن بدأنا التصوير الفعلي في أواخر 2023، ثم انتهينا منه في فبراير 2024.
هل توافر سيناريو الحلقات كان في صالح الممثل؟
بالطبع، فأزمة الممثلين الحالية هي عدم اكتمال العمل وتوافر الورق الدرامي، وبالتالي هذا يساعد الممثلين على الإبداع ويؤسس لعمل مميز. فهي عوامل النجاح بالفعل.
*ما جديد أعمالك القادمة؟
كنت أصور مسلسل «سراب» مع مسلسل أزمة ثقة، ثم دخلت بعدما في استعدادات رمضان الماضي مع أحمد فهمي. بالوقت الحالي عرضت علي أعمال عدة ولكنها أفكار وليست مكتوبة. مشكلتي هي أنني لا أقبل التعاقد إلا بظهور الورق والاطلاع عليه، فيتم تأجيل أي تعاقد إلى حين ظهور حلقات، أو على الأقل نصف عدد حلقات العمل سواء 15 حلقة، أو نصف مسلسل مكتمل لـ30 حلقة.
*هل العمل مع مخرج جديد أفضل أم عملتِ معه سابقاً؟
لا يفرق معي، فالمهم طاقة المخرج.. هناك أناس تأخذ المسلسل كأنّه «مهنة فقط»، وهناك أشخاص يصبح العمل معهم طاقة إبداعية، ومؤمنون بالسيناريو والشخصيات ويشعرون بها، وبالتالي يخرجون من الممثل أشياء لم يكن هو يعلم بها شيئاً. بالإضافة لعوامل النجاح الأخرى.
*من حقكِ الطبيعي بعد سنوات التمثيل الطوال تصدّر العمل، هل هذه الخطوة آن أوانها؟
هذه الخطوة بالتأكيد في تفكيري، ولكن لا بد من اكتمال عناصر القوة والنجاح (إنتاج وإخراج وممثلين على قدر المسؤولية). فالإخفاق في تصدر عمل ولا يُرى، أو انتقاد الجمهور له بأنّه ليس دون المستوى، فتبعات الفشل صعبة على الممثل جداً، ويُخَسّر النجم أيضاً ويرجعه خطوات إلى الوراء كثيراً. عرضت عليّ أدوار بطولة كثيراً ولكني تراجعت لأنّي شعرت بأنها من الممكن أن تكون مضرة لي.
البطولة إما أن ترفعك أو تجلسك في البيت وترجعك 10 خطوات إلى الوراء. أنا لست أحب (دور البطل الأوحد). ما يهمني بالفترة الحالية هو عمل رصيد ورصيدي الحمد لله يحترم جداً، ويؤرخ، وليس رصيداً تتجاهله. فأدوار صغيرة من الممكن أن «تُعلّي» الممثل للأمام. أضرب لك مثالاً بعادل أدهم لم يتصدر في حياته كلها سوى عمل واحد (سيد قشطة). ولكن مشاهده «بطل»، وعظيم في دوره.
*نجلاء بدر عند حضورها مهرجاناً تخطف الكاميرا معها وتغطي إطلالتها على الأفلام المتنافسة. صدى هذا الحديث لديك؟
(تضحك).. (ليس قصداً مني والله)، ولكني أحب أن أكون متأنقة وأرتدي الفستان المناسب للحدث من مصممي أزياء مصريين. أفرح بمهرجان الجونة جداً و«القاهرة السينمائي». تحضيرات المهرجان والحضور وظروفي تسمح للحضور؛ كلها عوامل تتطلب تحضيرات مهمة للحدث. حضور المهرجانات لها أزياء معينة وبروتوكول لأنه تسويق لصناعة السينما المصرية، فالافتتاح والختام مهم حضورهما، ولكن حضور الأفلام والاستفادة منها أهم.
*هل ستكون لك مشاركة بأفلام في مهرجان عالمي قادم؟
أتمنى ذلك، حيث سبق لي المشاركة في فيلم داوود عبد السيد «قدرات غير عادية» و«ليلة العيد». هناك بروتوكولات لمهرجانات عالمية أن يكون العرض حصرياً، وقرارات المنتج ورغبته بالمشاركة أم الربح البوصلة الرئيسية له.
*كيف تتعاملين مع السوشيال ميديا؟
كل جديد يقتحم حياتك مطالب أن تتعامل معه، ولكن مهمتي هي التعامل معه وترويضه لصالحي، واستخدامه ليعود بالنفع عليّ. أعتبره «تارجت» تسويقي، حيث لا أحب أن أستخدمها استخداماً شخصياً، أو أعرض عليها صوري الخاصة أو برفقة زوجي؛ فالحياة الخاصة ملك لي ولا أريد أن تكون حياتي الخاصة مشاعاً. حياتي العامة وشغلي مشاع بالفعل. لم أتربح من وسائل التواصل التي أصبحت للأسف مهنة، بل أعتبرها وسيلة للمعرفة والتصفح.
*الـAL (الذكاء الاصطناعي) في حياتنا كيف نتعامل معه؟
سألت محمود حميدة في مهرجان الجونة الماضي ولكن لم يفهم قصدي منه؛ وهو (تقنين التشريعات لمواجهة الإيه آي). فهو أداة مثل السكين، باعتباره شيئاً جديداً، فلا بد أن يتم تقنينه وعمل تشريعات له، بالثواب والعقاب لمستخدمها، ولكننا للأسف نستخف بالتكنولوجيا ولا نتحرك إلا عندما تحدث للكارثة، مثل التكنوكر المقبوض عليهم مؤخراً، حيث إن لهم سنوات يتربحون منه ويتركون، إلى أن وضعت الدولة يدها عليه ولكن متأخراً، لأنه أصبح ضرراً مباشراً على المجتمع ويهدده. فالطالب يريد أن يترك دراسته ويجلس على السوشيال ميديا ويتربح بالأموال الطائلة، وأهدر حق المتعلمين، فأصبح السؤال لماذا أدرس؟
*وكيف تواجهه صناعة الفن؟
طالبت بإصدار تشريعات له، لأني سأفاجأ بإنتاج فيلم من بطولتي وأنا لست موجودة به في بيتي. وبالتالي سيتم الاستغناء عنا كممثلين وزملاء المهنة جميعاً من مدير تصوير ومخرج ومؤلف، ولا يوجد قانون يطالب بحقي. نحن مقبلون على أزمة حقيقية من الممكن أن تجعلنا نجلس في بيوتنا وتهدد صناعة الفن بشكل عام.
أميركا أول دولة وقفت ضد الإيه آي وحدثت احتجاجات في هوليوود أوقفت الاستديوهات؛ لأنها تعرف ماذا صنعت وأنتجت.. أنتجت آلة ستجلسنا جميعاً في بيوتنا والاستغناء عن العنصر البشري. الخطورة الحقيقية أنّ المشاكل التقنية في الـAL تتم معالجتها وتحديثها وتطويرها باستمرار ليصبح المستقبل مخيفاً بالفعل.